لم يعد الاقتصاد السعودي كما كان قبل رؤية 2030 في هياكله وتنويع أنشطته المتنامية بمعدلات تصاعدية نحو اقتصاد مستقر وتنمية مستدامة، حيث يتم استثمار الإيرادات النفطية بكفاءة عالية في تحفيز الأنشطة غير النفطية والبنية التحتية ذات الجودة العالية، وتنمية الإيرادات غير النفطية في توازن مع اتجاهات الإيرادات النفطية عاماً بعد آخر. هكذا أصبح الترابط بين الإيرادات النفطية وغير النفطية معادلة اقتصادية مالية في غاية الأهمية في ظل تقلبات أسعار النفط وعدم اليقين، فعندما نمت الأنشطة النفطية بمعدلات كبيرة في الربع الثالث والرابع من 2021 والربع الأول من 2022، واكبه نمو في الأنشطة غير النفطية والخدمات الحكومية. وعندما تراجع الأنشطة النفطية في الربع الأول والثاني من 2021 صاحبها في الاتجاه المعاكس نمو في الأنشطة غير النفطية، تزامناً مع انحصار آثار جائحة كورونا والذي عزز الاستقرار الاقتصادي في مواجهة تقلبات الأنشطة النفطية. وحقق الاقتصاد السعودي نمواً حقيقياً بمعدل 9.6 % في الربع الأول من 2022 مقارنة بالربع الأول من 2021 وهو الأعلى منذ 2011، حيث بلغ نمو الأنشطة النفطية 20.4 % وغير النفطية 3.7 % والأقل من معدلاتها منذ الربع الثاني من 2021، بينما نمت أنشطة الخدمات الحكومية ب 2.4 % والأقل من مستواها في الربعين الثاني والثالث في 2021 ومساوياً للربع الرابع من 2021، وفقاً للهيئة العامة للإحصاء. وجاء هذا النمو القياسي مدعوماً بارتفاع أسعار النفط، حيث بلغ متوسط برنت 100.3 دولار وغرب تكساس 94.45 دولاراً في الربع الأول من 2022 مقارنة بمتوسط برنت عند 60.83 دولاراً، وغرب تكساس عند 57.59 دولاراً في الربع الأول من 2021. وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي 7.6 % في 2022 وهو متسق مع تقديرات وزارة المالية عند 7.4 %، بينما توقع أن ينمو 3.6 % في 2023. كما توقع الصندوق ارتفاع نصيب الفرد السعودي من الناتج المحلي الإجمالي 5.5 % خلال العام الجاري وبنحو 2.4 % في 2023. وهذا مدعوم بشكل أكبر بنمو القطاع النفطي في ظل ارتفاعات أسعار النفط الحادة والتي قد تستمر حتى العام المقبل. فإن تعظيم مكاسب النفط في المنظور القريب له مضاعف اقتصادي مباشر على تنويع ونمو الأنشطة غير النفطية وتوفير بيئة استثمارية تتلاءم مع مستجدات الثورة الصناعية الرابعة. وبهذا يصبح الاستثمار المبكر في تنويع الاقتصاد ونقاط القوة واغتنام الفرص بخطى متسارعة صمام الأمان للاقتصاد في مواجهة الصدمات والتحديات الاقتصادية مستقبلاً نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 وتمركز اقتصاد المملكة بين أكبر 15 اقتصاداً في العالم.