قُتل أكثر من 75 متظاهرا في الحملة الأمنية التي تنفّذها السلطات الإيرانية ضد المحتجين، في أعقاب ثورة شعبية واسعة اندلعت بعد وفاة مهسا أميني في معتقلها، فيما ما زالت دول غربية تكثف الضغط على النظام في طهران، لوقف العنف. لكن الحصيلة الرسمية الصادرة عن السلطات الإيرانية، قللت من أعداد القتلى، وأفادت أنها لا تزال 41 قتيلا منذ السبت، بينهم عناصر من قوات الأمن، في أكبر موجة احتجاجات لم تشهدها البلاد منذ سنوات. حيث عاد المتظاهرون إلى الشوارع مجددا، كما هو الحال منذ وفاة أميني في 16 سبتمبر، إثر توقيفها لدى «شرطة الأخلاق» بسبب مخالفة في لباسها. ففي مدينة «سنندج» عاصمة محافظة كردستان غرب إيران، وهي المنطقة التي تنحدر منها أميني، صعدت نساء إلى سقوف السيارات والجسور للاحتجاج، أمام حشود كبيرة كانت تصفق وتؤيد، في مشاهد نشرها نشطاء تابعين ل «إيران هيومن رايتس» التي تتخذ من أوسلو مقراً لها. كما أطلق محتجون في طهران شعارات مناهضة للمرشد الأعلى، وهتفوا ب «الموت للدكتاتور». وسط إضراب لعدة جامعات. في حين أظهرت تسجيلات فيديو التقطت في مدينة تبريز، المئات من المتظاهرين على وقع إطلاق قوات الأمن، لقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريقهم، لتعلن بعدها المعارضة الإيرانية عن مقتل 76 شخصا، في حملة قمع أدت إلى فرض قيود غير مسبوقة على الإنترنت، كان من بينها حجب إنستغرام وواتساب. وقال نشطاء: إن النظام اعتقل حتى الآن أكثر 1200 محتج، بينهم محامون وصحافيون وطلبة ونساء. في المقابل أعلن مكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان أنه «قلق جدا من استمرار الرد العنيف لقوات الأمن على التظاهرات في إيران».وعبرت المتحدثة رافينا شامداساني، عن «القلق الشديد من تعليقات بعض القادة التابعين للنظام، التي تشوه سمعة المتظاهرين، ومن الاستخدام المفرط للقوة وغير الضروري، وغير المتكافئ ضد المحتجين». توتر مع الغرب ارتفع مستوى التوتر بين نظام الملالي والدول الغربية، إذ أعربت باريس عن إدانتها بأشدّ العبارات، القمع العنيف الذي يمارسه الجهاز الأمني الإيراني ضدّ الشعب، فيما استدعت ألمانيا السفير الإيراني، وندد الاتحاد الأوروبي بالاستخدام «غير المتكافئ للقوة». وقال مدير منظمة «إيران هيومن رايتس» محمود أميري: ندعو المجموعة الدولية الى اتّخاذ خطوات عملية، بشكل حاسم وموحد لوقف قتل وتعذيب المتظاهرين، مضيفا أن التسجيلات المصورة وشهادات الوفاة التي حصلت عليها المنظمة، تظهر أن الذخيرة الحية كانت تطلق مباشرة على المتظاهرين. وفي ذات السياق، عمد عناصر من شرطة مكافحة الشغب الذين كانوا يحملون دروعًا، بضرب المتظاهرين بالهراوات، بينما مزّق مجموعة من الطلبة بإحدى الجامعات صورًا للمرشد الأعلى، وسلفه الخميني.وعمد المتظاهرون إلى رشق عناصر الأمن بالحجارة وإحراق سيارات الشرطة والمباني الحكومية. مطالب الشعب شدد رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني، على ضرورة التعامل بحزم ومن دون تساهل مع المحتجين. لكنّ المرجع الديني الإيراني حسين نوري الهمداني، حليف المعسكر المحافظ المتشدّد، حضّ السلطات على «الإصغاء للشعب». وجاء في بيان نشره موقعه الإلكتروني: أنّ القادة عليهم أن يصغوا لمطالب الشعب، وأن يحلّوا مشكلاته، وأن يظهروا اهتماماً بحقوقه. يذكر أن قمع التظاهرات تسبب بإدانات دولية واسعة من عدة حكومات، ما طغى على الجهود الرامية لإحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، حيث انتقد الاتحاد الأوروبي إيران في بيان لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل. وقال بوريل: إن الاتحاد الأوروبي سيواصل دراسة كل الخيارات المتاحة قبل الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية، إزاء وفاة مهسا أميني، والطريقة التي ردت بها القوى الأمنية الإيرانية على التظاهرات. وكانت الولاياتالمتحدة قد فرضت الأسبوع الماضي عقوبات على شرطة الأخلاق الإيرانية، فيما قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إن بلاده ستقوم بالمثل، ضمن رزمة عقوبات على عشرات الأفراد والكيانات.