لست الوحيد ممن كتب أو سيكتب عن فن "المونولوج"، هذا الفن القديم بالنسبة للجيل الحالي وأكاد أجزم بأن كثيرين من مواليد هذا الجيل الجديد، وبخاصة أولئك الشبان الحاليون والمبتدئون مع مرحلة الطفرة التكنولوجية التي شهدت انطلاقة الوسائل الإعلامية المتطورة والحديثة وتبعتها وسائل التواصل الاجتماعي أو ما تعرف ب(social media) فإنهم بكل تأكيد لم يعرفوا عنه شيئاً ولم يسمعوا عنه من قبل، لكن فن "المونولوج" يظل أحد ألوان الفنون الغنائية التي كانت تلعب دوراً رئيساً في التوعية وإيصالها بالإرشادات في قالب فني (ساخر) يجمع الغناء والدراما معاً أي ( بالصوت والحركة) ولا يخلو من تجسيد الدور "الكوميدي" فيه لتحقيق الغاية المرجوة من بلوغ الهدف. وقد برع في لون فن "المونولوج" أسماء سعودية كثيرة واتسعت دائرة انتشاره وشملت مناطق المملكة العربية السعودية حرسها الله.. في حين شكل الثنائي الراحلان الفنان حسن دردير والملقب "بمشقاص" وزميله الفنان لطفي زيني وهو ممثل درامي بارع ومنتج تلفزيوني وأعمال درامية معروف، ثنائياً بارزاً في الأعمال المونولوجية، حيث قدما أعمالاً عديدة قبل توقف الأخير وانفصالهما عن هذه الثنائية إلى حد ما ليتفرغ لأعماله الخاصة والإنتاج التلفزيوني.. لكن استمرار الفنان حسن دردير أو "مشقاص" فيما بعد منفرداً متألقاً جعل منه رائداً من رواد هذا الفن على الإطلاق في المملكة إلى جانب تميزه الذي فرضه بحضوره وإجادته في أدائه الصادق.. مما جعله مطلباً في مختلف المناسبات والمهرجانات وخلافه. وكانت معظم أعمال "مشقاص" المونولوجية تخاطب الشارع السعودي بتوجيه وإرشادات اجتماعية تحمل في طياتها نبذ السلوك المشين واتباع قواعد الآداب والطرق الصحيحة ومراعاة الأنظمة القانونية وربما من المناسب ذكر أبرز هذه الأعمال المونولوجية العالقة في أذهان - جيل الطيبين - أغنية "يا تكسي يا طاير" الذي كان ينصح فيه قائدي المركبات عموماً وسائقي التكاسي بعدم التهور والقيادة بروية وهدوء وعدم السرعة؛ لأن عاقبة السرعة الزائدة فوق القانونية أو المسموحة تؤدي إلى خسارة في الأرواح وتلف المركبات. وهناك أعمال مونولجية كثيرة محفوظة في مكتبة التلفزيون وتعرض على شاشة القناة السعودية "ذكريات" كذلك في ثنايا التطبيق الشهير (يوتيوب). وبطبيعة الحال لم يقف فن المونولوج السعودي عند "مشقاص" - يرحمه الله - وإنما كانت هناك أسماء سعودية كثيرة فرضت نفسها على خارطة هذا الفن وقدمت رسائل مهمة وساهمت في بث التوعية إلى جانب إدخال البهجة والسرور على الناس بقالب ترفيهي، ولولا المساحة الكتابية لتم ذكرهم وأعمالهم الجليلة بكل فخر.