ترددت أن أكتب في هذا الموضوع، الذي تم نشره في مقال للكاتبة والمذيعة "إيميلي مايتليس" في صحيفة التايمز البريطانية حول رحلتها السياحية مع ابنها إلى المملكة. لقد تناولت الكاتبة رحلتها منذ لحظة التفكير بها، والهواجس التي انتابتها عن هذا البلد الذي تكثر حوله أقاويل مثيرة للجدل، في معظمها سلبية، حيث يتناول الإعلام الغربي المملكة، بما يُطلق عليه حقائق خفية عن عالم قد يكون موجوداً في عوالم الأساطير، ووسط هذه الحالة الجدلية قررت "مايتليس" خوض غمار رحلتها لتقارنها برحلة مثيرة إلى إيران قبل سبع سنوات، مبينة أنها اضطرت للخضوع لجلسات مع أطراف إيرانية فرضت عليها ارتداء ملابس معينة، وبعد عديد من الجلسات حصلت على التأشيرة السياحية. كانت "مايتليس" على يقين أنها ستخضع لتلك الإجراءات، وربما أكثر، وكان جل خوفها على صغيرها التي قررت اصطحابه في الرحلة المثيرة، ثم كانت الصدمة الأكبر عندما حصلت على التأشيرة السياحية إلكترونياً في مدة لم تتجاوز 10 دقائق، فأصيبت بالدهشة، فقد كسرت هذه المفاجأة حاجزاً نفسياً، إلا أنها لم تزل متوجسة من رحلة الطيران ومطار الملك عبدالعزيز، ومدينة جدة التي ستقضي فيها رحلتها السياحية، وكان السؤال المحير الذي يتردد صداه بداخلها: ماذا أرتدي في هذا البلد؟ أصبح الأمر واقعاً وانطلقت الرحلة الجوية، لتحمل معها صورة إيجابية رائعة، وزاد من جمالها حالة المطار والخدمات المتطورة والسريعة والاحترام واللغة الاحترافية الراقية في الاستقبال، إضافة لجمال مدينة جدة وازدحامها المقلق بالنسبة لها، الذي شبهته بازدحام مدينة لندن، إضافة إلى درجة الحرارة المرتفعة، رغم أن الرحلة كانت في النصف الثاني من شهر مارس 2025. لفت نظرها فلسفة المحال التجارية والمطاعم، وحرية الشباب والفتيات في الحركة والتنقل وارتياد الأماكن بسهولة ويسر، إلى جانب تنوع الملابس وعدم التقليدية التي فرضها الإعلام الغربي ورسّخها في أذهان الأوروبيين، فلم تجد مايتليس تلك الصورة النمطية التي روّجها هذا الإعلام. ولأن الصورة لن تكون وردية مثالية، فقد لفت أنظارها أن السياحة في السعودية مازالت في مراحلها الأولى -حسب وصفها- لأنها باختصار عانت للعثور على أدلة سياحية داخل الفندق؛ لترشدها إلى المعالم السياحية والترفيهية، التي يحتاجها السائح، فلجأت إلى مدير الاستقبال في الفندق الذي أقامت فيه ليكون مرشداً سياحياً لها عبر الجوال، ومن خلال شبكة الإنترنت ليسهّل عليها رحلتها. ورغم حالة الرضا التي شعرت بها، إلا أنها قالت نصاً: "السعودية لم تعد تشعر بالحاجة إلى الاعتذار أو تبرير مواقفها، بل أصبحت واثقة من نفسها وإمكانياتها". طرحت تساؤلات وجهتها إلى الإعلام الغربي قائلة: ما سبب انتقاد السعودية بشكل خاص؟ في الختام عبرت "مايتليس" عن إعجابها الشديد بما تشهده المملكة من تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وتحولات جذرية وسريعة في مختلف المجالات، هذه التغييرات التي تعكس رؤية طموحة نحو المستقبل، مما جعلها -المملكة- تبدو واثقة من نفسها وقدراتها، ولا تشعر بالحاجة لتبرير مواقفها، خاصة وأنها توفر لشعبها مستوى عالياً من الرفاهية الاقتصادية، التي أكدت عليها كثيراً في مقالها. إن السعودية تعمل على تطوير القطاع السياحي بقوة، وهناك جهود كبيرة لجذب السياح من مختلف أنحاء العالم في ظل تنوع المناطق والمقاصد السياحية والمواقع التاريخية والمناظر الطبيعية الخلابة. وتبقى تلك التجربة الشخصية لسائحة أجنبية جرس إنذار وتنبيه قوي وتأكيد على أهمية وجود بنية تحتية سياحية تتناسب ومكانة المملكة، إضافة إلى خدمات الإرشاد المحترفة، حتى لا يواجه السياح تحديات أو صعوبة في التنقل والعثور على معلومات وافية.