على الرغم من أن ارتفاع الأسعار كان "واسع النطاق" وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل في أميركا، إلا أن نمو مؤشر الطاقة وبنسبة 7.5% ساهم بنحو نصف قيمة هذا الارتفاع الذي شهده معدل التضخم الأساسي، فاجأت مبيعات التجزئة الأمريكية الأسواق وكشفت القراءة عن نمو بنسبة 1% لكل من مبيعات التجزئة الأساسية والكلية على أساس شهري. واشترى المستهلكون سيارات ومجموعة من السلع المختلفة حتى مع ارتفاع أسعار البنزين. وتجاوزت تلك الأرقام إجماع الآراء وقد تكون مؤشراً على مرونة القوة الشرائية مما قد يساهم في حدوث تضخم لا يمكن وصفه بأنه مؤقت. وتشير التوقعات التي إلى قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مرة أخرى بمعدلات غير مسبوقة تاريخياً في وقت لاحق من الشهر الحالي، وحالياً يسعر السوق إمكانية رفع سعر الفائدة بنسبة 1% خلال الاجتماع المقبل للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بنسبة 18% ورفعها بمقدار 75 نقطة أساس في الاجتماع التالي المقرر انعقاده في سبتمبر بنسبة 100%. وإذا نظرنا إلى التوقعات حتى نهاية العام، فإن سعر الفائدة الضمني يصل حالياً إلى 3.5%، مما يعني توقع السوق زيادة معدل الفائدة بنسبة 2% مقارنة بالنطاق الحالي البالغ 1.50% -1.75%. وقفز معدل التضخم السنوي في الولاياتالمتحدة إلى أعلى مستوياته في 40 عاماً وصولاً إلى 9.1%، بعد ارتفاعه إلى 8.6% الشهر الماضي، وذلك بالمقارنة مع التقديرات التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 8.8%. وعلى أساس شهري، قفزت الأسعار بنسبة 1.3% بعد ارتفاعها بنسبة 1% الشهر الماضي، وباستبعاد العناصر المتقلبة، ارتفع مؤشر التضخم الأساسي بنسبة 5.9% على أساس سنوي وبنسبة 0.7% على أساس شهري. وأدت إمكانية حدوث مزيد من التشديد العنيف للسياسات النقدية في هذه المراحل الأولية إلى رفع منحنى العائد عند طرفه الأقصر أجلاً للسندات الأمريكية على الرغم من أن العوائد طويلة الأجل ظلت مستقرة مما أدى إلى تعميق انعكاس منحنى العائد، وتعكس حركة رفع سعر الفائدة تزايد المخاوف من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سوف يقضي على الانتعاش الأمريكي من خلال الاستجابة بوتيرة أكثر شدة لكبح جماح التضخم المتزايد مما يثقل كاهل العائدات على المدى الطويل. ويبدو أنه سيكون من الصعب للغاية على الاحتياطي الفيدرالي تحقيق ما يعرف باسم الهبوط الناعم بعد صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين الأخير. من جهة أخرى، فقدت الأسهم زخمها بعد تراجعها الأسبوع السابق. وتراجعت المؤشرات الأمريكية الرئيسية بأكثر من 2% خلال الأسبوع الماضي قبل ان تتقدم بعد ظهور بيانات التجزئة. وتجددت مخاوف الركود الاقتصادي والتضخم الحاد وانقلاب منحنى العائد مما ألقى بظلال من الشك على التقييمات وسط تسجيل البنوك الأمريكية الكبرى لأرباح أقل من المتوقع. وأعرب كبار المسؤولين التنفيذيين في أكبر البنوك على مستوى العالم عن مخاوفهم من تدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية. وساهمت بيانات التضخم المشتعلة والتوقعات برفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة في تعزيز الدولار وأرسلت العملة الأمريكية إلى مستوى 109.294 يوم الخميس الماضي، كما ارتفع مؤشر الدولار الأسبوع الماضي بأكثر من 2% مما دفع بالمؤشر إلى مستويات لم يشهدها منذ عام 2002. وبمقارنة أداء الدولار منذ بداية العام فقد ارتفع بنسبة 13.64% مقابل سلة من العملات الرئيسية المنافسة، وقد أدى ذلك إلى وصول الدولار الأمريكي لأعلى مستوياته أمام الين الياباني منذ بداية العام بوصوله إلى 139.39، وسيؤدي هذا الارتفاع في قيمة العملة إلى الإضرار بصادرات البلاد وإعطاء ميزة سعرية للسلع المستوردة.