بعد نهاية عملي في مكتبة الملك فهد الوطنية، الذي استمر 24 سنة، قررت أن أسجل شيئاً من هذه التجربة للذكرى وأسميتها «تجربتي مع التاريخ الشفوي». بهذه الكلمات ابتدأ الباحث محمد القشعمي كتابه الذي أهداه إلى الدكتور يحيى بن محمود جنيد الأمين العام الأسبق لمكتبة الملك فهد الوطنية، شيخ المكتبيين السعوديين، عرفاناً باحتضانه برنامج التاريخ الشفوي في المكتبة، وتشجيع التواصل مع رموز الوطن في أنحاء المملكة كافة، وما زال محفزاً لكل عطاء ثقافي وعلمي مثمر في الساحة. الكتاب الصادر عن نادي الطائف الأدبي بالتعاون مع مؤسسة الانتشار العربي كتب مقدمته الدكتور عبداللطيف الحميد، الذي أكد أن منهج القشعمي من خلاله في توثيق التاريخ الشفوي قد اختلف عمن سبقه، أو لنقل أنه قد جمع محاسن من سبقه، ففي هذا الكتاب برع في تلخيص مضامينها للقراء، وتضم أصحاب إنجازات خالدة ومواهب فريدة وتجارب عصامية في مراحل نهوض المملكة العربية السعودية في تنوع مبهج بين أطياف المجتمع في جميع أنحاء الوطن. ويعد التاريخ الشفوي من المصادر المهمة لكل أمة تعتني بتاريخها، لما يعطيه من تصور دقيق، لأنه يؤخذ من أفواه المعاصرين وقد اهتمت معظم دول العالم بالتاريخ الشفوي بدءاً بالدول العربية، وكذلك بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وقد خصصت مكتبات ومراكز خاصة تجمع التاريخ الشفوي وحفظه وتهيئته للباحثين. وتضمن الكتاب الذي يعد رافداً مهماً للمكتبة السعودية والعربية، والذي تضمن بدايات التاريخ الشفوي في المملكة العربية السعودية الذي عرف قبل 45 سنة، وتناول المؤلف تجربته مع التاريخ الشفوي في مكتبة الملك فهد الوطنية التي قامت بدورها الريادي في حفظ وتسجيل تاريخ المملكة، وشرعت في منتصف التسعينات الميلادية في إجراء مقابلات مع عدة أدباء ومثقفين ممن يمثلون الرعيل الأول للحراك الثقافي السعودي. واستعرض المؤلف وقفات سريعة مع بعض من سجل معهم ومختارات من أقوالهم.