لا يزال في بداية مشواره المهني، ويأتي ليخبرك أنه يعاني من فقدان الشغف أو من الاحتراق الوظيفي.. ما الحكاية؟ هل نحن أمام جيل سريع الاشتعال/سريع الانطفاء؟ أم جيل يريد أن يختصر رحلة 20 عاماً في عامين؟ الحقيقة أن الموضوع أعمق ويرتبط بالفوارق بين الأجيال، وإذا اتبعنا التصنيف الأمريكي، فسوف نرى أربعة أجيال لا تزال تعمل: جيل طفرة المواليد الذي ولد خلال الفترة 1946-1964، وجيل "إكس" المولود بين 1965-1980، وجيل "واي" (1981-1995) الذي يسمى كذلك بجيل الألفية، وجيل "زد" (1996-2012). وقد تحدثت "جيزيل كوفاري"، خبيرة التنمية البشرية الكندية، في جلسة ضمن المؤتمر السنوي ل(SHRM) عام 2021، عن الفوارق بين الأجيال. إذ قالت إن جيل طفرة المواليد يحمل ولاءً لأفراد الفريق (المرؤوسين)، ويتميز هذا الجيل ببذل جهود إضافية في العمل، مع نظرته إلى الحياة المهنية على أنها ترجمة للقيمة الذاتية، بينما جيل "إكس" أكثر ولاءً للمدير، وقد يتجاوزون التوقعات المنشودة، ويحققون نتائج أعلى، وينظرون إلى الحياة المهنية على إنها تمثل جزءًا من حياتهم، وليست كل حياتهم بعكس الجيل الذي يسبقهم! أما جيل "واي" (جيل الألفية) فيحملون ولاءً للزملاء، وهذا ما دفع الخبيرة أن ترصد حدوث استقالات من موظفين ينتمون لهذا الجيل تضامناً مع زملائهم المغادرين، بينما جيل "زد" يكرسون ولاءهم للخبرة مع حرصهم على الاستثمار في تطوير حياتهم المهنية. وكشفت "كوفاري" عن موضوع ملفت للانتباه، وهو العقلية التي تتحكم بكل جيل، فجيل طفرة المواليد يتعامل مع إدارة المؤسسة وفق عقلية "دعني أعرض عليك ما يمكنني القيام به"، في حين أن جيل "إكس" يعمل بعقلية "أخبرني ماذا يمكنك أن تقدم لي"، أما جيل "واي" الذي يبدو للبعض صعباً ومتعجلاً، فيعمل بعقلية "اعرض علي ما يمكن أن تقدمه لي الآن" (لاحظوا كلمة "الآن" فهذه لوحدها تميزهم عن السابقين!). في مسار آخر، تطرقت "آنّا ليوتّا"، مؤلفة كتاب "فكّ رموز الأجيال"، إلى نظرة كل جيل لتقييم الأداء أثناء حديثها مع "بي بي سي كابيتال"، مشيرة أن أبناء جيل طفرة المواليد، المعتادين على المنافسة الشرسة في العمل، مولعون بالتقييم السنوي لحاجتهم إلى معرفة المزيد عن أنفسهم، مضيفة أن جيل "إكس"، يعتبر التقييم السنوي غير كافٍ لأنه يجرى مرة واحدة، بينما جيل "واي" يحتاجون إلى تقييم دوري مستمر لأنهم نشأوا وتربّوا على تعزيز أنفسهم بشكل آني وإيجابي. عربياً، لم تدرس "فجوة الأجيال" دراسات مستفيضة تساعدنا على فهم احتياجات ودوافع كل جيل من الموظفين ومحاولة ربط ذلك بثقافتنا الأصيلة. إنني متيقن إنه لو درس هذا الأمر، فسوف يسهم في تيسير العمل والتعامل والتواصل في مؤسساتنا العربية، وبالتالي نتمكن من توليف التشكيلة الصحيحة من الموظفين على مختلف المستويات الإدارية.. تشكيلة تمزج بين من يحركهم الحماس، ومن تقودهم الحكمة!