حين تجتمع الفنون والثقافة والمعرفة تحت سقف واحد، تنبض الحياة برؤية تُحاكي تطلعات مجتمع بأسره، في قلب محافظة الخبر، يتألق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، المعروف باسم «إثراء»، كإحدى مبادرات شركة أرامكو السعودية، ليكون منارة للإبداع والانتماء، إنه ليس مجرد مبنى شامخ، بل صرح يحمل بين جدرانه روحًا نابضة تربط الماضي بالحاضر، والفرد بالمجتمع، لتُرسّخ دعائم لمستقبل أكثر إشراقًا. فما إن تخطو إلى هذا المركز الثقافي حتى تجد نفسك في عالمٍ من التنوع والابتكار، تمتزج المعرفة بالفن، والتاريخ بالإبداع، لتُحاكي حواسك وتثري فكرك. عبر المكتبة، التي تحتضن آلاف الكتب، ليست مجرد مساحة للقراءة، بل هي بوابة للتأمل والتواصل مع عقول عظيمة عبر العصور. أما المتحف، فهو نافذة تطل منها على حضارات العالم، ينسج الماضي خيوطه مع الحاضر بأسلوب تفاعلي فريد، يأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن بين المعروضات الأثرية، والأعمال الفنية التي تجسد روح العصر الحديث، متحف إثراء ليس مجرد صالة عرض، بل مساحة نابضة بالتفاعل والتعلم، ليصبح الزائر جزءًا من التجربة، يتأمل، يتساءل، ويعيد اكتشاف التاريخ والفن بزاوية مختلفة، تربط بين الجذور الوطنية والابتكار الحديث. في إثراء، تنبض الحياة بتجارب فريدة تناسب جميع الأذواق، عبر المعارض الفنية التي تأخذ الزائر إلى عالم الدهشة، تحاكي المشاعر، وتوقظ الإلهام، وفي قاعات السينما والمسرح لا يتم عرض محتوى فقط، بل تُفتح نوافذ على ثقافات العالم، وتعيد تعريف معنى الفن والأداء، فتتحول الفكرة إلى مشهد، والكلمة إلى تجربة. ومما لا شك فيه ما جعل إثراء أكثر من مجرد مركز ثقافي هو التزامه العميق بالمسؤولية المجتمعية، فهو لا يكتفي بعرض الفنون بل يحتضن المجتمع بأسره عبر مبادرات ترسّخ الإبداع والانتماء، فبرنامج «الشرقية تبدع» هو أحد أبرز هذه المبادرات، حيث يسلط الضوء على مواهب المنطقة، ويجمع الفنانين والمبتكرين في تظاهرة تحتفي بالإبداع بكل أشكاله، مما يجعل المجتمع جزءًا أصيلًا من المشهد الثقافي. كما يبرز برنامج التطوع في إثراء كمحطة فريدة لتعزيز الإحساس بالمسؤولية والانتماء، لذا يُتاح للمشاركين فرصة الانخراط في تنظيم الفعاليات وإدارة البرامج، مما يمنحهم تجربة عملية لصقل مهاراتهم وإحداث أثر إيجابي في المجتمع. ولا يمكن إغفال دور المركز في تمكين الشباب عبر برامجه التعليمية وورش العمل التي تُعزز الابتكار، وتغرس ثقافة الإبداع، ليكون إثراء مساحة للجميع، ويجد الأطفال فضاءً للاستكشاف، والكبار منصة للتعلم، والمحترفين ملتقى للإلهام. إثراء ليس مجرد مركز ثقافي، بل هو جسرٌ يعبره المجتمع نحو وعي أعمق، وانتماء أقوى، وهو دليلٌ على أن الثقافة ليست رفاهية، بل ركن أساسي في بناء مجتمع متكامل يؤمن بالجمال والمعرفة كقوتين محركتين للتطور. إنه انعكاس لرؤية المملكة 2030، حيث يُعاد تشكيل المشهد الثقافي ليكون منصة للإبداع، ومصدرًا للتحول الوطني. إذا لم تكن قد زرت إثراء بعد، فأنت تفوّت تجربة استثنائية، حيث يصبح الانتماء إحساسًا ملموسًا، والثقافة حياة تُعاش بكل تفاصيلها. إنه ليس مجرد وجهة، بل هو تجربة إنسانية ممتدة، بين الفن، والتاريخ، والمعرفة تلتقي في مكان واحد، ليكون إثراء.. للمجتمع انتماء.