مزاج الشروق وبصمة الغروب تمثلهما القهوة السعودية بطقوسها ومرارتها ورائحتها وطريقة تحضيرها، في الصباح ترافق لحظات البدايات وخطط اليوم وتخمينات النهار، بينما عند المساء تكون إطار التذكر والمراجعة والتفكير في الماضي القريب والتأهب للمستقبل على بعد عتبة، ولكن في شهر رمضان تتركّز وتتضاعف قيمة القهوة السعودية لتكون ركناً أساسياً على مائدة الإفطار منذ أجيال عديدة وحتى اليوم. برهان جديد على أهمية خطوة وزارة الثقافة التي أعلن عنها صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة عبر إعلان عام 2022 ليكون ‹›عام القهوة السعودية››، وفق رؤية تعمل على تعزيز مكانة القهوة السعودية محلياً ودولياً باعتبارها رمزاً من رموز الثقافة السعودية، وموروثاً أصيلاً. سمات القهوة السعودية المتعلقة بأنها عنوان الضيافة والترحاب تكتسب حميمية خاصة في شهر رمضان لأنها تقترب أكثر من دفء العائلة، تصير لغة احتفاء ونغمة مشاركة للأسرة، تكون وتداً على خارطة المشاركة والتفاعل وتقاسم اللحظة والنكهة، أول شيء بعد التمر أو الرطب لأنها ميزان التذوق والفاصل بين النكهات، الخيط المشدود والفاصل بين الجوع والعطش، وبين الوصول والارتواء والشبع، رحلة من التفاصيل موزعة على روزنامة الأيام بطريقة عفوية وتمتاز بالبساطة، وتأكيد على قيمة اعتماد اسم «القهوة السعودية» بدلاً من «القهوة العربية»، وخطوة في مسيرة وزارة الثقافة على جعل مبادرة «عام القهوة السعودية» التي تأتي ضمن برنامج جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030؛ لتكون منصة لإطلاق الأنشطة والحملات والأفكار الداعمة، وعامل تحفيز للجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية والمقاهي المحلية والعالمية للمشاركة فيها عبر أفكار مبتكرة تضمن حضور القهوة السعودية في قوائمها ومنتجاتها، إلى جانب تنظيم مسابقات وفعاليات لأفراد المجتمع لضمان تحقيق مستوى عالٍ من المشاركة المجتمعية. القهوة السعودية في رمضان تبدو مثل بخور وملامح للروحانية، رشفات تتمازج مع التمتمات بالدعاء والرجاء، لون يصبغ الأسماء والنداء، أبعاد تتماهى مع أهداف وزارة الثقافة من مبادرة «عام القهوة السعودية» والمتمثلة أولاً: في الاحتفاء بالقهوة السعودية بوصفها منتجاً ثقافياً مميزاً للمملكة العربية السعودية، وثانياً: التأكيد على ارتباط القهوة وثقافتها بالهوية السعودية انطلاقاً من خصوصية تعامل المجتمع السعودي معها، ومع أجوائها المميزة زراعةً وتحضيراً وتقديماً، والتي لا تتوفر بنفس الكيفية في أي بلد آخر، ثالثاً: إبراز مظاهر الكرم والضيافة السعودية الأصيلة المرتبطة بالقهوة السعودية وعاداتها الفريدة، رابعاً: إظهار التنوع الثقافي الكبير في المملكة العربية السعودية من خلال التنوع في طرق إعداد وتقديم القهوة السعودية، خامساً: تسليط الضوء على البُن الخولاني السعودي بوصفه منتجاً سعودياً أصيلاً، وسادساً وأخيراً: تسليط الضوء على الأدوات والمكونات وطرق تحضير وتقديم القهوة السعودية.