هل توقفت الحياة بسبب كثرة التفاهات المؤدية إلى الشهرة؟ طبعا لم تتوقف ولن تتوقف، الحياة مستمرة بإرادة الله، العمل مستمر، الإنجازات مستمرة، الإنسان لا يتوقف عن التطور والبحث عن الأفضل وما يخدم المجتمعات في كل المجالات. التفاهات المؤدية إلى الشهرة قد تكون كشفت عن بعض المواهب لكنها مواهب بمحتوى سطحي، وهي تذكر العالم بالتطور العلمي وبالإنجازات البشرية على مدى التاريخ في العلوم المختلفة. يتعايش الإنسان يوميا مع تطور العلوم والمخترعات، أصبحت أمرا عاديا وقد لا يفكر في أهميتها إلا إذا افتقدها كما هو الحال حين انقطاع الكهرباء، أما الشهرة الناتجة عن هياط فهي تسلية ممجوجة لن يفتقدها لكنها ظاهرة تحتاج إلى دراسة. ذلك التطور العلمي لا يزال يدرس السر في هذا الزمن الذي يجعل الشهرة تأتي بكل سهولة، ربما بكلمة واحدة، أو نكته واحدة قد تكون سخيفة ثم يصبح صاحبها بطلا ونجما يلاحقه المعجبون والمعلنون، هذا النجم لم يحقق الشهرة لأنه اكتشف علاجا لمرض خطير، لم يتوصل إلى حل لمشكلة المخدرات أو حلا للعنصرية العالمية، لم يضع تنظيما لزحمة السيارات في المدن الكبيرة، لم يقترح برامج تعليمية متطورة، لم يقدم أفكارا تطويرية تخدم المجتمع، لم يشارك في خدمة المجتمع في أي مجال. لم يفعل شيئا مما سبق، هو بطل أو نجم بلا إنجازات، ومشهور بواسطة التفاهات، هذا البطل قد يتفاخر - وهو على مقعد الكسل - بالانتماء للماضي الحافل بالإنجازات والعمل الجاد والصبر والتحمل وعدم التفاخر بالمظاهر. هل يستحق الشهرة من يتفاخر بالإسراف في الطعام تحت شعار الكرم، هل يستحق الشهرة من يتفاخر بممتلكاته، هل يستحقها من يتفاخر بالعنصرية أو التطرف الفكري، هل يستحقها من يمارس "الهياط"، هل يستحق المتابعة من يتفاخر بماض جميل منجز، وهو يمارس الفشل ونشر التفاهات. مهم هنا التفريق بين الترفيه و"الهياط"، الأول حاجة إنسانية مفيدة للصحة النفسية والبدنية ونشاط اجتماعي إيجابي، أما الثاني فهو عبث ضار وضرر تربوي وثقافي واجتماعي. تلك مشكلة وحلها في جهود متكاملة تربوية وثقافية وإعلامية تنشر الوعي بطرق غير مباشرة عبر الوسائل المختلفة ميدانها المدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية والإعلامية. والبرامج الأسرية والتعليمية التي تعزز أساليب الوقاية من مرض التفاهة، وتبرز ثقافة العمل والجدية وخدمة المجتمع والتفاخر بالإنجازات الفعلية وليس بالممتلكات أو التفاهات.