متابعة لسوق الإعلان التلفزيوني قبل حلول شهر رمضان المبارك وخلال اليوم الأول من الشهر الفضيل ورغم أنه وقت ذروة الإعلانات التلفزيونية، إلا أن هذا العام ومن نظرة سريعة يشهد انخفاضا كبيرا في هذا السوق الحيوي، الذي ينتظر العاملون في القنوات التلفزيونية أن يزداد حجم الإعلانات مقابل حجم المشاهدات. الزمن تغير ولا يعي الكثير من القائمين على القنوات التلفزيونية سواء الحكومية أو الخاصة، أن المشاهد تغير، واهتماماته تغيرت، والأهم السلوكيات الخاصة بالمشاهدات تأثرت بصورة كبيرة مع تطور وسائل الاتصالات وتقنياتها، نحن في زمن مختلف، منذ سنوات والاهتمام بالتلفزيون من قبل المشاهدين يتغير، نتحدث عن ماذا يزيد المشاهد، هل مسلسل تتجاوز حلقاته 500 حلقة مغرٍ لمشاهد خلال مدة الحلقة الواحدة وأقل منها بكثير، يستطيع وبإرادته أن يشاهد مئات المشاهد المتنوعة، وأن يتابع ما يريد وليس ما يفرض عليه. من الغباء أن نلاحظ الواقع التلفزيوني لم يتغير، انصدمت وبكل صراحة عندما شاهدت إعلانا عن برامج حوارية جديدة ومكلفة بإنتاجها، والضيوف تشبعنا من حوارهم وكلامهم منذ سنوات، فما بالنا اليوم بحواراتهم غير المجدية، هذه حقيقة، نعم مؤلمة ولكن لا بد من تقبلها، إذا أردنا أن نتوافق مع الواقع. ما زالت القنوات الفضائية وباستخفاف للمشاهد تدفع الملايين لمسلسلات محمد رمضان على سبيل المثال، والفكرة نفسها، الشاب الفقير المكافح والذي يتحول فجأة مع الفتوة التي يملكها والعضلات إلى شخص مهم وبطل خارق، كما ما زلنا نكرر سؤالا مملا وسخيفا مع كل عام هل ضيوف رامز يعلمون أنهم مجرد ممثلين أم أن ما يحصل لهم حقيقي، والنهاية كلنا يعرف الحقيقة ونركز على من كان أكثر ممثل بالشتم وتمثيل الضرب!. وبينما ما زلنا نقلب صفحات الماضي بطريقة سردية غير مشوقة دراميا مع ناصر القصبي في ثالث جزء، نجد أننا بالفعل أمام قنوات مختلفة ومشاهدين مختلفين، مشاهد لن يتابع مئات الحلقات التي لا معنى لها وهو مشغول بمتابعة مهرج أكثر سخافة وضحالة بالفكر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويحمل لقبا مشهورا أو مشهورة. لو كان هناك استشراف للمستقبل، وتوافق مع الزمن الذي نعيشه مع الإمكانيات الكبيرة التي تملكها القنوات الفضائية، لوجدنا على الأقل توازنا بالذائقة عكس الانحراف الذي نعيشه حاليا، وأقصد هنا الانحراف الذوقي.