تعد الطاقة إحدى أهم الركائز الأساسية التي استخدمها العقل البشري لتحقيق معيار الاستمرارية، بصفتها مصدراً رئيساً، ومدخلاً ضرورياً لتطور المدينة الحديثة، وهو ما تنطلق منه المملكة، وتسعى لتحقيقه لم تعد صناعة النفط والغاز بعيدة عن مسارات الاستدامة التي يبذل فيها العالم اليوم الكثير من المبادرات؛ للمحافظة على البيئة وتحقيق التوازن البيئي، ومن الأحداث المهمة التي تعيشها العاصمة السعودية الرياض اليوم تدشين مؤتمر IPTC الدولي لتقنية البترول لعام 2022، بتنظيم من شركة "أرامكو السعودية" العملاقة، وبرعاية من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. أهمية المؤتمر الذي يعقد سنويًا منذ عام 2005 تنبع من جانبين، الأول أنه العمل على توفير مساحة واسعة لتبادل الرؤى حول أحدث التطورات والاتجاهات في صناعة النفط والغاز، والتقنيات الحالية والناشئة التي ستشكّل مستقبل قطاع الطاقة، وتحقيق التعافي العالمي بالاعتماد على الطاقة المستدامة. أما الجانب الثاني المهم في المؤتمر رعايته من قبل أربع جمعيات عالمية متخصصة في الطاقة، وهم: الرابطة الأمريكية لجيولوجيا البترول، والرابطة الأوروبية لعلماء الجيولوجيا والمهندسين، وجميعة الجيوفيزياء الاستكشافية، بالإضافة إلى جمعية مهندسي البترول (SPE). برأيي أن أهم ما سيتمخض عن المؤتمر النقاشات العالمية في مجال الطاقة المستدامة، خاصة مع مرونة القطاع وتطور النظام البيئي والتقدم التكنولوجي الذي تم خلال فترة زمنية تُعد من أصعب الأزمنة التي مرت بها الصناعة بعد جائحة "كوفيد- 19"، وأهمية المزاوجة بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والاستدامة البيئية، وكيف يمكن للابتكار والتكنولوجيا تطوير حلول مستدامة في صناعة النفط والغاز وفق مفهوم "الاقتصاد الكربوني الدائري". الفكرة المركزية للمؤتمر تركيزه على دور التكنولوجيا الجديدة في تقديم أفضل الممارسات والأنشطة متعددة التخصصات؛ ومن المبادرات التي نجحت "أرامكو السعودية" في تفعيلها في نسخة 2022 تنفيذ جائزة IPTC للتميز في تكامل المشاريع المنجزة التي تبلغ قيمتها 500 مليون دولار أمريكي، وفق مواصفات ومعايير دقيقة، والهدف منها تحفيز شركات صناعة النفط والغاز في المشاريع المعقدة وتحدي الممارسات التقليدية برؤية مختلفة، ومشاركة الفائزين دروسهم المُستفادة للشركات الشقيقة الأخرى. انعقاد هذا المؤتمر يؤكد أن السعودية فرضت نفسها اليوم ضمن الدول الفاعلة في مجال مبادرات الطاقة وحماية المناخ، ويمكن الاستدلال هنا بقمة مجموعة العشرين في 2020 وطرحها لاستراتيجية مفهوم الاقتصاد الكربوني الدائري الذي شكل ابتكارًا ثوريًا في تقليص معدل الانبعاثات الكربونية، ومناصرة جميع أنواع الطاقة الموجودة على سطح الأرض، في ظل ضوابط مبنية على الإمكانات المتاحة لجعلها تستمر، وفي الوقت ذاته تقلل من التغير المناخي. باختصار.. تعد الطاقة إحدى أهم الركائز الأساسية التي استخدمها العقل البشري لتحقيق معيار الاستمرارية، بصفتها مصدراً رئيساً، ومدخلاً ضرورياً لتطور المدينة الحديثة، وهو ما تنطلق منه المملكة، وتسعى لتحقيقه من خلال اتباع نهج شمولي واقعي يدفع للاستدامة في استخدام الموارد الطبيعية في النمو الاقتصادي من خلال معالجة الانبعاثات الكربونية.