للأدب العربي تاريخٌ عريق وأصيل، وللمرأة ارتباط وثيق به، فمن عصر الجاهلية وعصر صدر الإسلام إلى وقتنا الحاضر وحضورها مُثبتٌ من خلال أعمالها الأدبية ونشاطاتها الثقافية، ففي العصر الأندلسي كانت الأديبة الشاعرة ولَادة بنت المستكفي والتي نافست شعراء عصرها، فهي من فتحت منزلها لاستقبال الأدباء وأقامت المجالس الأدبية أو ما تُعرف ب»الصالونات الأدبية الثقافية»، فأقامت الأمسيات الشعرية والحوارات الثقافية. وإن نسب البعض سَبقَ إقامة هذه الصالونات الأدبية للغرب ولكن الصحيح أن العرب قد سبقوهم بقرون عدة في هذا الحِراك الثقافي، ففي المدينةالمنورة كان أقدم صالون نسائي عرفه العرب وهو للسيدة سكينة بنت الحسين رضي الله عنها، فقد كان صالوناً يضم الفقهاء والأدباء على حدٍ سواء. ولهذه الصالونات أهمية بالغة تكمن في تعارف الأدباء والمثقفين والمهتمين بالشؤون الثقافية، ونشرهم للفكر الثقافي وطرحهم وتباحثهم لمسائل وأفكار جديدة أو متداولة بعصرهم، وربما أيضاً يتم طرح المشاريع والمبادرات المميزة، كيف لا وهي نتاج فكر جمعٍ من الأدباء، فالعقول النيَرة مجتمعة خيرٌ من العقل الواحد. هذا وقد عرف التاريخ الثقافي الحديث صالونات نسائية أخرى كصالون الأديبة مي زيادة والتي كانت على خطى من سبقنها من الأديبات، فجعلته منبراً للثقافة والأدب يأتي إليه الأدباء من دولٍ شتى. وعلى الرغم من أهمية هذه الصالونات وقيمتها الثقافية العالية ونجاح المرأة في إقامتها وإدارتها إلا أنها أصبحت بوقتنا الحاضر لا ترقى إلا لمجرد مبادرات فردية وغالباً هي من الأدباء وليس الأديبات. ولم تأخذ هذه الصالونات حقها كغيرها من النشاطات التي تُعلِي شأن الثقافة والمثقفين، ولا يخفى أن للثقافة نصيبٌ من اهتمام رؤية 2030، فقد تم استحداث العديد من الهيئات والمراكز الثقافية، كمركز الملك عبد العزيز الثقافي بالظهران، وهو ما يُعرف بإثراء، والذي يضم مكتبةً ضخمة يُقام فيها العديد من الأنشطة الثقافية كنادٍ للقراء وأمسيات شعرية، ومسابقات أدبية. لكن مازالت الصالونات الأدبية النسائية تحتاج لالتفاتةٍ كريمة تعيد لها سابق مجدها وتوهجها ولا شك أن مخرجاتها ستكون مذهلة جداً فالأديبات السعوديات ذوات فكر متجدد وطموح يعانق السماء، ألسنا بهمّة جبل طويق؟