لم تكن الحياة الأدبية يوماً خاصة بالرجال، أو حكراً عليهم من دون النساء، فعلى مرّ التاريخ كان للنساء إسهامات أدبية كثيرة ومشاركات فاعلة، ومما تذكره كتب التاريخ المنتديات الثقافية والفكرية المنسوبة إلى نساء كثيرات في عصور الخلفاء الراشدين إلى وقتنا المعاصر؛ مما يفيد أن مشاركة المرأة في الحياة العلمية والأدبية ليس أمراً جديداً أو طارئاً. من الصالونات الأدبية في عصر الخلفاء الراشدين صالون سكينة بنت الحسين (ت117) الأدبي، وكان يقصد مجلسها الشعراء ورواة الشعر كالأحوص والفرزدق، وكان الشعراء يحكمونها في أشعارهم وأقوالهم، فتعمل على تصحيح الأبيات الشعرية لهم في بيتها بالمدينة، وكانت تعدّ عند الشعراء الناقدة الأولى لعصرها. واشتهرت في الأندلس الأديبة ولاّدة بنت المستكفي (ت480) من خلال مجلسها الأدبيّ الذي يجتمع فيه العلماء والشعراء، فتحاورهم وتحاضرهم، ومن أعيان حاضريه: ابن القلاس، وابن زيدون، وابن عبدوس، وقد شدّ مجلسها أنظار المؤرخين، وجعل المؤرخ الفرنسي «غوستاف لوبون» يعترف بأنّ العرب الأندلسيين هم الذين قدموا فكرة الصالونات النسائية لفرنسا. في العصر الحديث عرفت الصالونات الأدبية، وكانت نهضتها الحقيقية من خلال صالون «مي زيادة» الأسبوعي الذي بدأ بمصر في العام 1911م لمناقشة الموضوعات الشائقة، واستمر حتى نهاية الثلاثينات، واجتمع في صالونها كبار المفكرين والأدباء والشعراء، كأحمد شوقي ومصطفى الرافعي وخليل مطران وطه حسين ومصطفى عبدالرازق ومحمد رشيد رضا وعباس العقاد، وغيرهم. شاركت المرأة السعودية في الأندية الأدبية ما بين شاعرة وقاصة ومحاورة مع مشاركات مطبوعة، واتسعت بسببها دائرة المنتديات الثقافية النسائية، ومنها صالون الأميرة سلطانة السديري، والملتقى الثقافي «الأربعائيات» للأستاذة سارة الخثلان، ولجمعٍ من الأديبات منتدى ثقافي خاص بهن يسمى ب»رواق بكة النسائي»، ومنها أُحَديّة الدكتورة وفاء عبدالله المزروع بمكة المكرمة. تغرس الصالونات الأدبية في نفوس روادها قيمة الثقافة والشغف بالمعرفة والنقد الأدبي، وتقدم وسيلة التعارف والتواصل وتعدد الصداقة مع الأدباء والمثقفين، وهذه المجالس الأدبية المعاصرة ما هي إلا امتداد لصفحات مشرقة من حياتنا الأدبية في عصورها الزاهية.