زماننا المعاصر سريع الأحداث مختلف عما كان قبل 50 سنة تقريباً، فمن سرعتها لا نكاد نتذكر أحداث الأسبوع المنصرم! فيه متغيرات كثيرة في جميع المجالات وأصبح الوقت لا يكفينا، العمر قصير، والعمل كثير، والأحلام لا حدود لها، وأصبح الكثيرون يعتذرون بانشغالهم وقليل منهم صادقون في عذرهم. بعض المعتذرين يضيعون أوقاتهم في أشياء لا طائل منها، فحين تسأل بعضهم: ما الذي يشغلك عن زيارة والديك أو صلة رحمك؟ يقول: لا يوجد عندي وقت. بينما هو يجلس ساعات طوال في متابعة ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي، أو في الديوانيات وغيرها. وبعضهم حين تسأله: لماذا لا تمارس هوايات مفيدة كالقراءة أو الرياضة؟ فلا يكتفي بادعائه أنه مشغول، بل يهاجم هذه الهوايات وأنها ضياع للأوقات! جميل أن يكون الإنسان مشغولاً ولكن ما قيمة ما يشغله؟ إذا كان مشغولاً بالأعمال المفيدة فسيؤجر عليها. أتساءل من الذي من حقه أن يدعي أنه مشغول؟ هل هو الإنسان الذي عنده أعمال كثيرة تستغرق جل وقته ولا يكفيه لإنهائها، أو رجل الأعمال التجارية، أم هم الذين تسير حياتهم بالبركة من دون تخطيط للوقت يضيعونه هباءً منثوراً، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً؟ إن كلمة مشغول ضيعت الأعمال والواجبات، فأضحت «ماركة مسجلة» للكثيرين، وحجة للكسالى والمتهاونين والعابثين والمتخلفين والمتهربين من المسؤولية الذين ربما شغلتهم أموالهم وأنفسهم وغيرها، فادعوا أنهم مشغولون بألسنتهم وليس بقلوبهم. إن كلمة مشغول لا تدل غالباً على أهمية الشخص بين الناس، والمطلوب أن يقولها بصدق. اللهم اشغلنا بذكرك وعبادتك وعمارة أرضك؛ لنكون من أصحاب الجنة في شغل فاكهون.