دائماً ما تتوارد في الخواطر الكثير من الآراء والقناعات غير المنطقية، ولكن من البديهي أن يكون الإنسان قادراً على التحكم في كل ما ينطق به لسانه، لا أحد يعلم بدواخل العالمين سوى من خلقهم ولا أحد يملك القدرة الكامنة في تفسير كل ما يدور حوله بواسطة قياس درجة الصوت ومستوى الحدة وتقطب الحاجبين وحركة اليدين وفهم النيات في أقل تقدير ممكن، البعض يعتقد بأن إذا كان الوقت والزمن مناسبين له باستطاعته التحدث وفق ما يمليه عليه رأيه وقناعاته بكل حرية، ولكنه مع مرور الوقت يكتشف أن الزمان يسجل لا يمحي، وأن من سكت على أغلاطك اليوم قد لا يسكت عنها غداً، ومن تجاهل رأيك مبدئياً قد يأتي يوم ويناقشك به بكل دم فائر وحجة قوية، أنت مسؤول عن كل ما تقوله وكل ما يدور في ذهنك، إن كنت شديد الشجاعة على قول ما تريد اليوم لا تتراجع عن فكرتك غداً فقط لأنك ارتعبت من الهجوم الذي باغتك وأنت نائم على وسادتك لا تدري، ما يتناقله الكثيرون في وسائل الإعلام المرئي والمسموع ثورة وكارثة كبيرة في حياة كل من لا يعي جيداً حجم الكلمة التي يصرح بها ويعتقد بأنه قادر على مجابهة كل هجوم أو انتقاد لاذع يطارده، ولكن يبقى الإنسان في النهاية غير قادر على التصدي بكل شجاعة، البعض قد تغلبه سلطته ومنصبه وتأخذه العزة بالإثم لدرجة أنه قد يصرح تصريحات قد تجعله بموضع شبهة وألف علامة استفهام، ما لا يدركه الإنسان أيضاً إلا متأخراً أن بعض الاعتذارات لا تمحي الزلة، والتبريرات حتى وإن كانت مقنعة قد لا يجد لها صاحبها شخصاً واحداً على الأقل ليسمعها لأنه وبكل بساطة داس على مكانة عالية جداً لا تقبل التبرير ولا العفو، بكل الأحوال جميعنا قد نقع في دائرة الخطأ، وقد يصرح البعض تصريحات ساذجة يختبئ بين سطورها الحقد والكراهية والعداء الشديد تجاه شخص أو مكانة أو حتى دولة، ويجد نفسه في النهاية خسر ما كان يملك قبل أن يرتد إليه بصره، عليك قبل أن ترمي سهامك أن تعلم من خصمك ومن يقف أمامك ومدى قدرتك على التصدي له، فلا تبدأ حرباً مع خصم يفوقك عدة وعتاداً، ولا تنبش في ينبوع راكد حتى لا يأخذك الطوفان، ولا تحرث الشر فقد تخرج لك جهنم، القواعد الأساسية في الحياة بسيطة جداً، وأن تحارب من كان له فضل عليك لا يعد إلا خيانة عظمى في حق نفسك وفي حق كل من كان لك يوماً من الأيام ساعداً ويميناً، وستدفع تكاليف كل ذلك لا محالة.