يعتبر مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون مفهوما جديدا، إذ طوره الباحثون وأصحاب المصلحة السعوديون بالتفصيل منذ عام 2019 وروجت له المملكة خلال رئاستها لمجموعة العشرين في عام 2020، ويعد الاقتصاد الدائري للكربون اقتصادا يتم فيه تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وتعويضها عن طريق تقليل استخدام الكربون وإعادة تدويره وإعادة استخدامه وإزالته. ويوكد المفهوم الحاجة إلى معالجة الانبعاثات بشكل كلي وذلك باستخدام جميع خيارات التخفيف المتاحة، كما يعترف بالقيمة الاقتصادية للكربون والظروف الخاصة بكل بلد، وقد صادق قادة دول مجموعة العشرين على الاقتصاد الدائري للكربون في نوفمبر 2020 ووصفوه بأنه "نهج طوعي وشمولي ومتكامل وموحد وعملي وتكميلي لتشجيع النمو الاقتصادي وتعزيز الإشراف البيئي من خلال إدارة الانبعاث في جميع القطاعات2020 Ministers Energy G20. وتعمل المملكة على تطوير برنامج وطني وإستراتيجيات ذات صلة لتوضيح الاستخدامات العملية لنهج الاقتصاد الدائري للكربون، كما يعمل الباحثون فيها على دعم التخطيط وتصميم السياسات من خلال توليد بيانات ومعلومات جديدة. علاوة على ذلك، يتشارك الباحثون والشركات التجارية في تطوير العديد من التقنيات المتعلقة بالاقتصاد الدائري للكربون وتجريبها. ومع ذلك، لا يزال هناك عمل كثير يتعين عليهم القيام به لزيادة استيعاب المفهوم وفائدته خارج حدود المملكة. وقد أطلق مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك ،"مشروعا يهدف إلى المساعدة في توضيح مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون وتعزيز استخدامه باعتباره إطارا مفاهيميا لإدارة الانبعاثات، كجزء من مسارات تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية لكل دولة من دول العالم. ويركز هذا المشروع على بناء مؤشر مركب لقياس أداء الدولة وإمكاناتها فيما يخص الاقتصاد الدائري للكربون، وقد نظم المركز ورشة عمل لأصحاب المصلحة المحليين كجزء من أجزاء هذا المشروع. وشدد هذا الاجتماع على الحاجة إلى العمل أكثر على هذين المجالين الواسعين لدعم التحول إلى الاقتصاد الدائري للكربون. ويعمل الباحثون في "كابسارك" على بناء مؤشر يراعي أفضل الممارسات الدولية لبناء المؤشرات المركبة، والتي تشمل التشاور مع الخبراء وأصحاب المصلحة المعنيين بهذه المسألة. وقد بدأ المركز رسميا بالمشاورات حول مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون في 06 يونيو 2021 من خلال استقطاب أصحاب المصلحة من الحكومة والصناعة والأوساط الأكاديمية للمشاركة في ورشة عمل افتراضية. وكان لورشة العمل هدفان رئيسان، الأول هو استهلال النقاش حول النهج المستند إلى البيانات لقياس الاقتصاد الدائري للكربون والثاني جمع المدخلات لإثراء تصميم هيكل المؤشر والمؤشرات. ويسعى مشروع "كابسارك" لمؤشر الاقتصاد الدائري للكربون إلى التوسع وإضافة الدقة إلى الأساس المفاهيمي للاقتصاد الدائري للكربون، بالإضافة إلى تنفيذه العملي من خلال تطوير إطار كمي قوي لقياس أداء الدولة وقدرتها على التقدم نحو تحقيق الاقتصاد الدائري للكربون. ويهدف مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون إلى السماح بإجراء المزيد من النقاشات حول طرق تحديد نقاط القوة والضعف للدول وقياسها ومقارنتها من حيث الاقتصاد الدائري للكربون. كما يمكنه أن يساعد في تحديد المجلات الآخذة في التقدم بالفعل والمجلات التي قد تكون فيها جهود السياسة ضرورية أو مفيدة، في حين يقيس المؤشر الفرعي لعوامل تمكين الاقتصاد الدائري للكربون موقف الدول من دعم وتمكين التقدم نحو الاقتصاد الدائري للكربون من خلال مؤشرات مجمعة في خمسة مجالات رئيسة تعكس اتساع نطاق التحولات المطلوبة عبر الهياكل التكنولوجية والسوقية والأطر التنظيمي. وطور البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون حتى الآن خريطة تقنية للاقتصاد الدائري للكربون وحدد مبادراته الحالية في المملكة. واستكشف الفريق 57 تقنية رئيسة للحد من الانبعاثات كان من بينها 36 تقنية تم تحديدها باعتبار أنه يمكن توسعة نطاق تطبيقها أو أن لديها القدرة على التوسع، وطور فريق البرنامج مقاييس ومؤشرات أداء رئيسة لقياس الأداء الحالي والتقدم المستقبلي نحو الاقتصاد الدائري للكربون بناء على المعلومات المقدمة من المؤسسات الحكومية الرئيسة وأصحاب المصلحة المعنيين بهذه الصناعة. أضف إلى ذلك أن البرنامج الوطني حدد العوامل التمكينية وآليات التمويل الضرورية وهو يعمل بنشاط على نشر هذا المفهوم. وتركز معظم المبادرات البالغة 263 المتعلقة بالاقتصاد الدائري للكربون في المملكة التي حددها البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون على ركيزة التخفيف. وبالتالي، فإن المحرك الأساسي للبرنامج هو الموازنة بشكل أكبر ما بين ركيزتي الإزالة والتخفيف، وبالنسبة للتقنيات ذات الإمكانات العالية في إطار الركيزتين، سيهدف البرنامج إلى الاستثمار في مشاريع البحث والتطوير ذات الصلة ودعم توسعة نطاق هذه التقنيات وتطبيقها التجاري. ويسعى مشروع مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون إلى التوسع في الأساس المفاهيمي للاقتصاد الدائري للكربون وإضفاء المزيد من الدقة عليه من خلال وضع إطار كمي قوي لقياس أداء الدول والتقدم المحرز نحو تعميم للاقتصادات الدائرية للكربون، ويتألف مشروع مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون، الذي سيتولى إدارته مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية ويعتبر مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون مؤشرا مركبا يقيس الأبعاد المختلفة للاقتصاد الدائري للكربون في سياق وطني عبر مختلف الدول، ويقدم لمحة سريعة عن بيانات كل دولة بناء على أحدث البيانات المتاحة، ويبين الاتجاهات المستندة إلى المؤشرات على مدى فترة من السنوات، كذلك يهدف مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون والمشاورات ذات الصلة مع أصحاب المصلحة، إلى دعم المناقشات الجارية داخل المملكة بشأن السبل الكفيلة بتعزيز الاقتصاد الدائري للكربون والنهوض به. مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون يقدم لمحة سريعة عن اهتمام الدول بالجوانب البيئية