مستمرة منذ خمسين عاماً، أي منذ سبعينات القرن الماضي حينما تفاجأت دول الغرب بصفتها أكثر المستهلكين للنفط بارتفاع الأسعار من أقل من (4) دولار للبرميل إلى (30) دولار للبرميل، حينها نصح عرّاب السياسة الأميركية كيسنجر نظراءه من الدول الغربية في اجتماع لمناقشة ارتفاع أسعار النفط وكيفية التعامل معه بأن قال لهم "أنصحكم بقبول سعر في حدود (25) دولارا للبرميل حتى يتسنى الاستثمار في مجال التنقيب واستخراج النفط ويبقى السعر عند هذه المستويات لأطول فترة من الزمن، وهذا ما حصل فعلاً حتى بداية الألفية الحالية حينما ارتفع الطلب على النفط بشكل كبير بسبب ارتفاع الطلب عليه في الصين والهند ودول شرق وجنوب آسيا ووصل السعر لأعلى مستوى له في عام 2008م متجاوزاً (147) دولار للبرميل. الدول الغربية تعلم علم اليقين ضرورة وحاجة اقتصادياتها للنفط وأنه لايمكن الاستغناء عنه في الأجل المنظور وتستهدف من حملاتها على النفط تحقيق أمرين أولهما: تقليص نمو الطلب على النفط لأن الاستغناء عنه غير ممكن في الوقت الحاضر ولكن هذا الهدف يصطدم بأن النمو في الطلب قادم من الشرق ولا يتفق مع سياسة دول مثل الصين والهند والتي تعتبر النمو الاقتصادي أولوية لهما والتعامل مع الانبعاثات بطريقة مختلفة عن توجهات الغرب. والسبب الثاني: أن دول الغرب مستفيدة من الضرائب التي تفرضها على مواطنيها دافعي الضرائب حيث إن المواطن الغربي يدفع إلى ما يصل أكثر من (%50) ضرائب على محروقات سيارته ويمثل جزءا مهما من إيرادات هذه الدول فكيف تحارب النفط واستخدامه وهي تحقق إيرادات ضريبية منه تتجاوز بعض الأحيان إيرادات الدول المنتجة له، لذا فإن الحرب على النفط تخدمها في أن ما تحصل عليه من إيرادات في شكل ضرائب أمام مواطنيها يجعلها مقبولة ومبررة إلى حد ما. لذا فإنه يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الحرب على النفط ليس جديدا ومسيسا منذ خمسين عاما والنفط سلعة رئيسية ويعتبر أحد أهم مقومات النمو الاقتصادي في كل الدول بدون استثناء والاستغناء عنه غير ممكن في الأمد المنظور والدليل على ذلك عودة الأسعار إلى الارتفاع الكبير وفي خلال أقل من عام، حيث عادت الأسعار لأكثر من ثلاثة أضعاف من أدنى سعر وصلت إليه في العام الماضي رغم أن الظروف الذي أدت إلى انخفاضه المرتبطة بجائحة كورونا ما زالت قائمة والتي أربكت الكثير من دراساتهم وتوقعاتهم.