فقدت الساحة الفنية والثقافية أحد أهم الأسماء الفنية في تاريخ الأغنية السعودية، الملحن طلال باغر والذي قدّم الكثير من الأعمال الفنية التي ستبقى خالدة وحاضرة في قلوب الجماهير، طلال محمد باغر من مواليد حي الهنداوية بجدة عام «1376ه» الحي الذي تخرج فيه الكثير من المبدعين في مختلف المجالات، نشأ في جدة عروس البحر الأحمر ورافق والده الذي كان عاشقاً للفن وهو ما تعلق به طلال، حيث بدأ مسيرته الفنية في مجال التلحين مع رفيق دربه وصديقه الشاعر أسعد عبدالكريم مكوناً ثنائياً قدم عدداً من الأصوات السعودية والعربية من خلال الكلمة واللحن. بداية التلحين كانت بداية الموسيقار باغر مع الفنان علي عبدالكريم، عندما قدما أغنية «يا خلي» بعد ذلك قدم مع «صوت الأرض» طلال مداح -رحمه الله- عملين «عوافي» من كلمات الشاعر يوسف رجب وأغنية «غريب حبك» من كلمات الأمير محمد عبدالله الفيصل -رحمه الله- بعد ذلك تواصلت الرحلة عندما التقى بأحد رفقاء دربه «فنان العرب» محمد عبده، والذي تعاون معه في عدّة أغانٍ لازالت خالدة في الوجدان، منها «سنا الفضة» للشاعر طلال العبدالعزيز الرشيد -رحمه الله- الذي لحن له طلال باغر عدداً من الأعمال منها «أحبه حيل» وغناها محمد عبده، وعندما أعادها باغر في حوار تلفزيوني لم يتمالك نفسه من البكاء، حيث كانت تربطه مع طلال الرشيد علاقة وطيدة، مستمراً في «جيتني مرحبا بك» التي غناها محمد عبده وأيضاً «سيد الغنادير» إحدى روائع طلال باغر الشهيرة. المشوار الذهبي.. بعد البدايات المذهلة للموسيقار طلال باغر والتي كانت مع هرمي الأغنية السعودية آنذاك طلال مداح ومحمد عبده قدم مجموعة ألحان لعدد من الفنانين والفنانات في المملكة وعلى مستوى الوطن العربي، اشتهرت أغنية «غريب حبك» لطلال مداح -رحمه الله- و»عوافي» و»أول ما نبدأ وش نقول» و»خطوة عزيزة»، وكذلك النجومية البارزة مع محمد عبده في عدّة أغان منها «رسول أشواقي، سنا الفضة، سيد الغنادير، أحبه حيل، ما في أغلى من بلادي»، مقتحماً عبادي الجوهر والذي اشتهر كملحن عبقري، لكنه مع طلال باغر تغير الحال وغنى من ألحانه عدداً وافراً، مثل «حالي حال، حبيبتك، ما يكفيك، هونا من الحب الأناني، ماخذ على خاطري، وش غيرك، الحبيب الأول، أنا مسافر، أهلاوي والكاس أهلاوي»، كما لحن للفنانة المعتزلة ريم المحمودي أغنية «أنا أحبك» و»لجل عينك» لعبدالله الرويشد و»اشر بايدك، تواعدنا» لعبدالمجيد عبدالله، و»ما نختلف» لرابح صقر و»عرفتك» لعلي عبدالكريم، و»اسال علينا» للفنانة السورية أصالة نصري، وكذلك لحن للفنانة المغربية سميرة سعيد أغنيتان «حبيب» و»غريبة»، و للراحل سلامة العبدالله الأغنية الشهيرة «ظروفي ما تساعني» لطلال سلامة «وليف الروح». وللفنان محمد عمر «وينك يالهنا» و»الليالي» و»جمالك» لحسين أحمد و «سيد الغواني» لراشد الماجد، كما ساهم بدعم الفنانين الشباب كنايف البدر، مقدماً له أغنيتين «أهواك» و»مرتاح بالي». عودة بعد الغياب.. غاب طلال باغر -غفر الله له- مساحة زمنية طويلة، لظروف خاصة، لكنه عاد بعد سنوات يثري الساحة من خلال توجهات مختلفة ليس كما عرف عنه ملحناً، عاد في خدمة الفن والموسيقى عبر جمعية الثقافة والفنون بجدة، قال طلال باغر حينها: «عودتي للساحة من جديد طبيعية بعد التطورات الحضارية التي شهدتها المملكة في الفترة الأخيرة من خلال رؤية المملكة، والتي أعادت الاعتبار للفنون وأنعشت الحراك الفني، وعودتي من بوابة جمعية الثقافة والفنون -في منصب مدير لجنة الموسيقى بفرع جدة- فرصة لخدمة الوطن من خلال الموسيقى، والحمد الله وجدت الدعم والترحيب من إدارتي جمعية الثقافة والفنون سواء السابقة أو الحالية، والجمعية هي بيتي أولًا وآخرًا». ومن إيجابيات هذه العودة تكوين الفرقة الموسيقية بجمعية جدة، الذي كان سريعًا بحكم علاقته ومعرفته بالزملاء الموسيقيين وكذلك إقامة دورات موسيقية، أيضاً عمل مشروع مستقبلي للتطوير والتحسين والذي سيكون أكبر داعم للموسيقيين الشباب. قالوا عن -الراحل-: يقول الشاعر الغنائي أحمد علوي: لقد فقدت الساحة شجرة الأغنية السعودية وأحد أهم أغصانها المثمرة، وفقدت الأسرة الفنية بالمملكة الأستاذ والزميل والأخ الكبير للجميع الفنان طلال باغر -رحمه الله- لقد كان الأستاذ باغر ابناً أصيلاً للأغنية السعودية وموسيقاها وروحها، قدم بها ومعها خلال مشواره الجميل الممتد لأكثر من ثلاثين عاماً نجاحات بارزة، وساهم بإبداعه الأصيل في رفع القيمة الجمالية للأغنية السعودية الكلاسيكية والشعبية عبر العديد من الأعمال مع الأساتذة طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر وعبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد ورابح صقر وغيرهم من نجوم المملكة، كما ساهم في تقديم جماليات الأغنية العربية مع العديد من الفنانين الخليجين والعرب وأثبت من خلال جمال ورهافة جمله الموسيقية أنه ملحن مختلف الطابع مميز الهوية. بينما على المستوى الإنساني كان رجلاً ودوداً ومتواضعاً قريباً من قلوب جميع زملائه الفنانين من مختلف الأجيال، كان يتسم بالنقاء وطيب المعشر والخلق الكريم يستقبل الجميع أينما حل بابتسامته الجميلة ودماثته وحديثه البسيط البعيد عن التكلف، حقيقة سيفتقد الجميع كل ذلك الوهج الفني والدفء الإنساني، لكننا نؤمن بقضاء الله وقدره وندعو الله له بالرحمة والمغفرة ونعزي أنفسنا ونعزي أسرته الكريمة في مصاب فقده، إنا لله وإنا إليه راجعون. بينما قال الفنان القدير محمد عمر: لاشك أن خبر وفاة زميلنا وحبيبنا «طلال باغر» فاجعة ولكن في نهاية الأمر هو أمر الله وقدره، وطلال لاشك عزيز وصديق وفنان له مكانته المرموقة بين الملحنين، وبصمته الواضحة في ألحانه وترافقنا سوياً في بداية المشوار، وكان من العازفين في فرقة الجمعية العربية للثقافة والفنون في بدايتها بقيادة الأستاذ سامي إحسان، وكان هو أساساً المشرف وعراب الفرقة «رحمة الله عليهما»، فطلال باغر موجود معنا في الوسط الفني وعلامة فارقة، لذلك تميزت ألحانه مع كل المطربين السعوديين من الأستاذ طلال مداح -رحمة الله عليه- إلى أصغر فنان في المملكة، وأعتقد أن له مشاركات خارجية لأصوات عربية وخليجية، وطلال له أسلوبه الخاص، وقد تعاملت معه في أغاني أفراح وأوبريتات وتعاملت معه في أغانٍ وصفية وفي أغاني العيد وفي أغانٍ عاطفية، كذلك «وينك الهنا» و»اليوم فرحة غير»، وإضافة لأوبريتات وطنية شاركت فيها، منها في جيزان والباحة والطائف وجدة، وأناشيد وطنية كذلك. في حقيقة الأمر، طلال باغر -رحمه الله- ملحن بارز على مستوى الوطن العربي، متمنياً من الله أن يغشاه برحمته ويغفر له ولنا ولوالديه وجميع المسلمين. أَثْروا ثقافتنا الفنية ورحلوا.. طلال باغر ومحمد شفيق والراحل الكبير طلال مداح الراحل طلال باغر ورفيق دربه «فنان العرب» عبدالمجيد عبدالله والراحلان طلال مداح وباغر ومدير الأعمال خالد أبو منذر ويبدو معهم عبدالله طلال مداح الشاعر أحمد علوي محمد عمر