لأن الجنادرية عرس وطني ثقافي كبير فليس من الغريب في برامجها ان يتم تكريم الفنان الراحل الكبير طلال مداح,, الذي قدم طيلة مشواره الفني الطويل إبداعاً في الفن وعطاء للوطن حتى انه ومنذ انطلاقة أوبريت افتتاح مهرجان الجنادرية في عام 1408ه وحتى آخر أوبريت في العام الماضي كان متواجداً في حفل الافتتاح ويشدو ويتفاعل بالكلمات للوطن. وطلال اليوم لن يغيب بل ُسيذكر وسيكرم وسيحتفى به!! ونحن ايضا في الجزيرة سنحتفي بالكلمات وبما قيل فيه من كلمات كتبها بصدق أصدقاؤه وزملاؤه ورفقاء دربه وسنستهل هذه المساحة بمقدمة لموضوعنا فضلنا ان يكتبها الملحن الاستاذ سراج عمر فهو أكثر من لحّن للراحل طلال مداح خلال مشواره الفني لذلك استكمل سراج عمر مقدمتنا قائلا: صوت الأرض بمناسبة تكريم طلال مداح في مهرجان الجنادرية 16 لهذا العام ولاشك ان تكريم رمزنا السعودي الكبير لم يأت من فراغ بل من تقدير كبير من قيادتنا الكريمة لهذا الرمز الوطني الكبير وعندما يأتي التكريم من قيادتنا طبعا يكون ذا طعم ومذاق وفرحة غير عادية فهنيئاً لنا بقيادتنا وهنيئاً للراحل الرمز طلال مداح رحمه الله وشكراً يا أميرنا متعب لهذه اللفتة التي يعتبرها كل فنان في الوطن تكريماً له شخصياً. سراج عمر أما الشاعر الأمير محمد العبدالله الفيصل فكتب في طلال مداح يقول قد طلب مني أن أكتب عن الفنان الراحل طلال مداح وماذا أعرف عنه,, أعتقد أني لا اختلف كثيراً عن جمهوره الكبير والمحب له في جميع ارجاء الوطن العربي,, حيث ان هذا الفنان قد قدم خلال سني حياته الفنية التي بدأها مبكراً واثرى من خلالها الساحة الفنية,, فشدا وأنشد وترنم واطرب وأشجى,, ومراحلها هذه التي اعرف أكثرها فيها الحلو والمر وفيها المعاناة والصراع مع الحياة ومع الأقران, ولكنه ظل متربعاً على قمة الفن في هذا البلد, هذا من ناحية العطاء اما من ناحية الشجا فلقد كان من أشجى الأصوات وأعذبها ان لم يكن هو المشجي دائماً لأن صوته مزيج من كل ما يأسر النفس ويدخل الى القلب. طلال المداح بدأ حياته في الطائف ومكة حيث كان يسمع ويستمع لكل ما هو يطرب فتعلم معرفة الأنغام من مصادر هي اقرب الى الجامعات المفتوحة فردد معه الناس كل صدى ترجعه جبال الحجاز بشموخها ليصير هذا الصدى ترجيع هذا الموال والمجس واغنية التخت الحجازي والنغم اليماني. ثم انتقل الى جدة ليبدأ المرحلة الثانية وليحتك بوسائل الإعلام وكبار الشعراء من أمثال الأمير عبد الله الفيصل وطاهر زمخشري وإبراهيم خفاجي ومحمد الفهد العيسى وكذلك الملحنين طارق عبدالحكيم وعمر كدرس وعبدالله محمد وغيرهم, فأعطوه عطاء لا يقاس بأي شيء مما انعكس على عطائه هو والذي كان ظاهرة في ذلك الوقت ثم تولته شركات الاسطوانات التي صقلته ليصبح هو المطرب الأول وكان من المتعاونين معه من الشعراء احمد صادق وخالد زارع والمنتظر ودايم السيف والقريب وخلافهم,ثم اتت مرحلة التصاقه بنا أنا وبدر والتي بدأ هو يصوغ الالحان التي تعايش معها الجمهور في الوطن العربي كله وكان أبرزها مقادير من الحان الموسيقار سراج عمر وفي النهاية سقط البلبل المغرد والناحل الجسم على مسرح المفتاحة بطريقة دراماتيكية والتي لو أراد أي مخرج أن يصفها لقصة حياة هذا الفنان لما استطاع,اما معرفتي بجوانبه الأخرى فلقد كان هذا الفنان يعيش بين الناس وكأنه وحيد لأنه كان شارد الذهن دائما يفكر ويتأمل ويدندن بينه وبين نفسه,كما انه لم يخطط لمستقبله ومستقبل ابنائه وإنما هو كان يعمل ليعيش على مبدأ اصرف ما في الجيب وكان صرفه موجها للجوانب الحياتية والانسانية وكان يخاف الله كثيراً ويؤدي ما فرضه الله عليه كما كان لا يأكل إلا القليل مع ان مائدته لايمكن ان يكون وحيداً عليها فهو يحب الناس ويحب ان يؤاكل الناس فعاش للناس وسقط أمام كل الناس أمام سمعهم وبصرهم بعد أن أطرب واشجى فأحبه الجميع بعد ان أحبهم. محمد العبد الله الفيصل * أما الملحن د, عبدالرب ادريس فيقول: يظل طلال مداح شامخاً عشق الفن منذ صباه ونهل من معين التراث ومن كنوزه ما استطاع كان مثالا يحتذى به في عزة النفس والشموخ تتجلى فيه معاني الوفاء والصدق لأنه طيب اكثر من الطيبة، احب الناس فأحبوه، فظل يكافح ويشقى ليبقى شامخاً كالطود ويعمل ليعيش من أجل ان يظل كريماً مستور الحال صعد سلم الشهرة والمجد منذ بدايته الفنية وظل متربعا على قمة الغناء لم ينازعه أحد عليها انه الأستاذ طلال مداح الذي اعطى من عصارة فكره كل ما يملك ولم يبخل, كان شخصية فريدة بكل المقاييس يتصرف احيانا بعفوية زائدة تجعل الآخرين يظنون انه شخصية متهورة اوساذجة ولكن يتبدد هذا الوهم عندما يقتربون من شخصيته ويعرفون ان هذا الإنسان يحمل قلبا كبيراً يفوح طيبة ونقاء ومشاعر إنسانية صادقة وشفافية خالية من التمثيل المصطنع الذي نراه في مسارات اخرى في هذا الزمن,واحيانا اخرى يكون في منتهى الرقة نراه يتحدث كإنسان له طموحات ومسئوليات يدرك ما يدور على ساحات الغناء المحلي والعربي ويتابع التطور الذي يطرأ بما تفرضه عليه الظروف,وفي كل الأحوال نتقبل طلال الإنسان بكل ما فيه لأنه أولاً واخيراً موهوب والموهبة او العبقرية التي يهديها الله لبعض الناس في نظر العلماء والباحثين هي حالات من التناقض والانسجام في سيكولوجية الانسان تجعله دائماً في انعدام التوازن,طلال قمة غنائية حمل مشعل الغناء السعودي الى جانب رفيق دربه الأخ الفنان الكبير محمد عبده الى المحافل العربية والدولية وكان خير سفير لبلده رفع اسم المملكة عالياً وعندما يأتي الحديث عن الأغنية السعودية يأتي اسم طلال في المقدمة. اما من الناحية الفنية فطلال يتمتع بصوت نادر مفعم بالحساسية والدفء يصل الى القلب قبل الأذن ونبرات صوته في القرار جميلة وفي الحدة أجمل. نتمنى ان نتدارس حياة هذا الفنان بكل ما فيها من مفارقات حتى نعرف ان القمة لايقف عليها الا من حمل عشقاً لرسالته وطموحاته ومن حمل قلباً كبيراً اعتصر بهموم الحياة حلوها ومرها ومما عرف عن طلال الإنسان فهو دمث الأخلاق كريم العطاء والمعشر لاتفارق محياه الابتسامة مهما كانت ظروفه وله حضور جماهيري كبير وحب لا يضاهيه حب,. د, عبدالرب إدريس * وللموسيقار غازي علي كلمة في طلال مداح يقول فيها: صاحب الصوت الرخيم والقلب الرحيم تتغنى كأنها لا تغني من سكون الاوصال وهي تجيد هذا الوصف الجميل الذي قاله ابن الرومي في وحيد إحدى اساطين: الغناء في العصر العباسي ينطبق على فناننا الكبير طلال المداح لما فيه من هدوء وطمأنينة اثناء الغناء . هذا هو طلال المداح صاحب الموهبة الكبيرة والعطاء الجزيل فقد وهبه الله سبحانه وتعالى جاذبية خاصة في صوته وإحساسه تشدان أذن المستمع وتتغلغلان في وجدانه, طلال المداح صوت لايصرف التصنع والتكلف في ادائه وبعيد عن الزخارف اللحنية والاستعراض الصوتي انه يعتمد على إحساسه الجميل النابع من داخله. طلال المداح صاحب مدرسة فيها تتلمذ الكثير من ابناء جيله وما بعد جيله والى يومنا هذا,طلال المداح فنان كبير استطاع ان يسيطر على قلوب المستمعين في سائر انحاء الوطن العربي انه فنان من النادر ان يتكرر. غازي علي * أما الفنان عبادي الجوهر فيقول: صادق مع نفسه عندما طلب مني أن اكتب عن فناننا الكبير الراحل طلال مداح يرحمه الله. تسابقت الذكريات والصور الى ذاكرتي. شريط طويل جدا,, مدته 33 عاماً عرفت فيها الفنان الانسان طلال مداح,عام 1968م قدمني بلحن اغنية ياغزال,وكان يكفي ذلك ليكون هذا اللحن هو بطاقة التعارف بيني وبين الجمهور. وهذا يعني انه كان شديد الاهتمام بالمواهب الغنائية وتشجيعهم واعطائهم الحانه والغناء من الحانهم ايضا مما يعني انه كان صادقا في فنه مع نفسه قبل ان يكون صادقا مع الآخرين,في عام 1976 م سمع مني محاولات تلحينية وكنت أهتم في ان اسمعه محاولاتي لعلمي بأنه صادق,طلب مني لحنا وقال لي لتتأكد من صدق كلامي سأغني من الحانك وكانت أغنية طويلة يادروب العاشقين . ظلت علاقتي مع طلال علاقة غير تقليدية, تختلف عن علاقة فنانين ببعضهم البعض كانت علاقتي به مميزة, من نوع فريد. كان يفضي الي بأسرار كثيرة, كما كنت انا كذلك كان يعلم اني احبه كما كنت اعلم بمدى محبته لي,آخر لقاءاتي معه كانت قبل وفاته بدقائق,الكلام والذكريات تطول ونحتاج الى وقت طويل ولا تكفي هذه المسافة للكلام عن الراحل , رحم الله طلال وأسكنه فسيح جناته. غنيت من الحان طلال: 1 ياغزال. 2 ياحلاوة. 3 الحب المؤقت. 4 العواذل. 5 مدير الحجز. غنى من الحاني: 1 طويلة يادروب العاشقين عام 1967م. 2 غضة الإبهام عام 1998م. عبادي الجوهر * وللفنان عبدالمجيد عبدالله قول في يوم تكريم طلال: رمز فني كبير لا أعلم كيف أتناول السيرة الشخصية والفنية لهذا الفنان العظيم الذي فقدته ساحة الغناء العربية عامة والسعودية خاصة. طلال مداح فنان كبير بأخلاقه وتواضعه كبير بفنه وإبداعه لقد كانت أسعد لحظات حياتي وقت لقائي معه,وما زلت أذكر عندما قدمني لأول مرة للجمهور في حفله أقيم في نادي الاتحاد,لو تحدثنا عن فن طلال مداح فان الحروف قد تخوننا ولو تحدثنا عن إنسانيته فان خيانه الحروف ستكون أعظم, لقد فقدنا طلال مداح الرمز الفني الكبير بهامته وإبداعه فقدناه بأبوّته وإنسانيته وتواضعه,ونحن نجتمع هذه الأيام للمشاركة في هذا المهرجان الوطني المهم نفتقد وقفة هذا الإنسان بجانبنا لكن ورغم كل شيء فسيبقى طلال مداح في قلوبنا، وسيبقى فنه نبراساً ينير طريقنا ولن تغيب ضحكته من مخيلتنا لن يغيب صوته من آذاننا نحن على العهد سنبقى وافين لطلال ستبقى ذكراك باقية في قلوبنا فأنت الفنان الرمز الذي ما زلت في الصف الاول رغم غيابك! عبدالمجيد عبدالله * وللملحن محمد المغيص حديث في هذا الموضوع: فقدنا الأفضل والأنقى والأطيب قلبا في الساحة الفنية ذكريات أول لقاء لي مع طلال مداح رحمه الله/ فنان رفيع المستوى والخلق الفنان طلال مداح، الإنسان طلال مداح,كنت وما زلت من المحبين لطلال مداح وخلاف حبي له تتلمذت على اغنياته وشاءت الصدفة ان التقي به في أكثر من مناسبة ووجدته مهتما بي ويسأل عني كثيرا, شجعني وكان يزرع في داخلي حب العطاء مع سؤاله المميز شعرت أنه يهتم بي اهتماما خاصا وكانت المبادرة مشتركة بيننا فأنا احلم بالتعاون معه في ذلك الوقت وهو زرع في نفسي الطمأنينة معه وعندما وجدت منه الاهتمام والترحيب قدمت له لحناً صغته من كلمات سمو الأمير فهد بن محمد في اغنية (ياحول) التي لاقت اهتماماً منه ونجاحاً ملموسا وكان بعد اغنية ياحول بعض من الاعمال المشتركة بيننا لاسيما تجدد اللقاء المشترك معه وكان لها من عظيم الاثر على الساحة الفنية مثل نشيد سعوديين، في خاطري شيء، يا شوق وكل عام وأنتم بخير واطربي ياجدة، وكل ما استطيع قوله ان طلال مداح رحمه الله يظل حتى بعد رحيله فريد الإطلالة في كل شيء كان طلال الفنان والوجدانيات طلال الحب والإنسان البسيط مع الآخرين عزيز النفس عظيم الشأن طلال الرمز طلال الفطرة في البدء والختام إنه اسطورة فنية ومسيرة في سماء الاغنية السعودية والعالم العربي افتقدنا فنانا لايعوض في مسيرة الاغنية السعودية لأننا تربينا ونشأنا في الساحة الغنائية على صوته العذب الجميل قبل رحيل طلال رحمه الله كان هناك مشروع فني لي معه في ستة الحان قدمتها له ولكنني سأظل اعتز بكل اللحظات التي عشتها مع هذا الفنان الأسطورة هذا الرجل العظيم. رحمه الله طلال مداح واسكنه فسيح جناته. الملحن/ محمد المغيص * اما الملحن طلال باغر فيقول: مات نجماً كان ارتباطي الوجداني بالفنان الكبير الراحل طلال مداح قديماً، حينما كنت في السادسة من عمري وكنت أتقمص شخصيته الفنية في المدرسة مع زملائي في الفُسح او الرحلات المدرسية حتى غدوا يسمونني طلال مداح ,ومرت الأيام,, وتحقق الحلم والتقيت بطلال مداح الهرم وأنا في بداية مشواري الفني وكنت قائداً للفرقة الموسيقية التي صاحبته في حفل بالغرفة التجارية الصناعية بجدة قبل عشرين عاماًو وأبهرني تواضعه وإنسانيته المتمثلة في تشجيعي وزملائي في الغرفة وكانت ليلة من أحلى الليالي نجمها طلال مداح,وبعد فترة قصيرة من ذلك اللقاء لحنت له اغنيتين هما: (غريب حبك) للأمير محمد العبد الله الفيصل و(عوافي) ليوسف رجب,ثم تجدد اللقاء في كثير من الأعمال العاطفية والوطنية والتي اعتبرها وسام مجدٍ في مشواري الفني من أهمها الأغنية الوطنية المشهورة حبيبتي ديرتي وخطوة عزيزة والمشكلة من كلمات اسعد عبد الكريم، وأنا العاشق كلمات سعود شربتلي، والعديد من الأوبريتات بمناسبة اليوم الوطني والذكرى المئوية للمملكة العربية السعودية. كما تحتفظ شركة فنون الجزيرة بأغنيتين من الحاني وغناء الفنان الراحل لم يسمعها الجمهور بعد,علاقتي باستاذي طلال مداح كان أريجها ورونقها في اخلاقياته رحمه الله حيث لم أسمعه يوما يسيء الى احد، وحينما لايعجبه شيء ما يصمت او يلطف الجو ببسمته الصافية المعهودة,كان يرحمه الله فناناً حقيقياً عاش في وجدان الناس واحبه الجميع لشخصه وفنه، فعاش نجماً ومات نجماً, رحمه الله وغفر له ولوالديه. طلال باغر