من الأشياء اللافتة للانتباه انشغال البعض بإحباط الآخرين والتقليل من مجهوداتهم وكسر همتهم وخاصة في أماكن العمل ويجد البعض المتعة في أن يكون شخصية مُحبِطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، وفي المجالس ومواقع العمل ويتبنى قصصاً وقضايا جميعها تدور في إطار السلبية والإحباط والتشاؤم. المشكلة الأكثر سوءاً بالنسبة للأشخاص عندما يكون الإحباط داخلياً ونابعاً من أفكار وسلوكيات تغذى المحتوى نفسه بها حتى تصبح لديه عادة فكرية وسلوكية تجعله شخصية قلقة واكتئابية ومتشائمة وغير متفائلة إلى جانب المعاناة من الأفكار السلبية التي تغذي سوء الظن في الآخرين، وعندما يكون الإنسان في مثل هذه الحالات فإن مثل هذه الأمور عادة ما تتكون بفعل البيئة المحيطة التي تربى فيها على السلوك والفكر الإحباطي مما يخلق لديه نوعاً من العجز النفسي والفكري للإنجاز والإنتاجية والإيجابية مقابل إيجابية الآخرين وإنجازاتهم، وحتى لا يصاب بالمرض فإن الله قد خلق لديه دفاعات نفسية مثل الدفاعات الجسمية للأمراض حيث تقوم دفاعاته النفسية اللاشعورية بدورها من خلال عمليات إسقاطية كتحويل العيوب التي في نفسه والتي في أفكاره على الآخرين، وأيضاً ما يسمى بالنكوص وهو العودة إلى مستويات سلوكية غير ناضجة كالتسمي بأسماء مستعارة لإطلاق إحباطاته على الآخرين ومتابعة ردود فعلهم ومن ثم يشعر بالسعادة لأنه استطاع أن يدخلهم في عالمه المحبط وهذا نوع من العدوان على الآخرين، وهناك من الدفاعات اللاشعورية التي تصدر عن أولئك السلبية والتبريرات غير المنطقية للهروب من الضغوط والمسؤوليات كتفسير بعض المواقف والسلوكيات الخاطئة وخاصة التي يقوم بها تبريرات غير واقعية والبعض يعبر عن دوافعه المستنكرة اجتماعياً أو غير مقبولة في المحيط الذي يعيشه، ولكنه في داخله يرغب بها فيقوم بنقدها في الآخرين بشكل عدائي بدون مراعاة لحقوق ومشاعر وخصوصيات الآخرين. اليوم المحبطون يعشقون السلبية وضد الشخصيات المبادرة والإيجابية وعامل هدم خاصة عندما يتولون القيادة كون أفكارهم وسلوكياتهم وما يتمتعون به من سلطة وصلاحيات عامل إحباط للشغوفين والمبدعين والذين يفكرون خارج الصندوق.. وكثيراً ما نرى ضحاياهم يتعالجون من الاكتئاب والانحراق الوظيفي وأعراض ضغوط العمل المرضية، وبقاء هؤلاء الأشخاص في مناصبهم القيادية لا يخدم رؤيتنا الطموحة بل سيخلقون جماعة منظمة من مسؤولي الإدارة العميقة في أي مؤسسة وفي آخر المطاف سنجد أمامنا مؤسسات كرتونية غير منتجة ومحسوبة على الوطن وطاردة للكفاءات والشغوفين بأعمالهم. اليوم نحتاج إلى المزيد من إعادة تقييم لمؤسساتنا من منظور سلوكي معرفي لمسؤوليها وإحصاء عدد الموظفين الذي هربوا من كل مؤسسة خوفاً على مستقبلهم ونفسياتهم وشغفهم وهذا التقييم يجب أن لا يتم من خلال الطرق التقليدية لقياس الأداء بل من خلال زيارات ميدانية وتتبع للحالات التي طردت أنفسها من هذه البيئة الطاردة.