سلطت وسائل الإعلام الدولية الضوء على دور مسؤول النظام الإيراني حميد نوري (عباسي) في مجزرة عام 1988 التي راح ضحيتها 30 ألف سجين سياسي في إيران، والذي يخضع للسجن حالياً في السويد في انتظار المحاكمة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية. ومن المقرر أن يمثل عباسي للمحاكمة في شهر مارس، وسيقدم العديد من الناجين شهاداتهم أمام المحكمة، وستتم محاكمته على أساس الولاية القضائية العالمية. أُسر تبحث عن قبور أبنائها وعن تفاصيل القضية يتحدث ل"الرياض" حسين فارسي، الذي قضى في سجون إيران الفترة من العام 1981م إلى 1993م، باعتباره أحد الشهود على مذبحة السجناء عام 1988م.. وإلى نص الحوار: * من يريد إخفاء مجزرة عام 1988 في إيران؟ * كل مسؤولي النظام الإيراني؛ من خامنئي إلى روحاني وغيرهم، ممن تورطوا في مجزرة عام 1988. إبراهيم رئيسي، الذي يتولى حالياً منصب رئيس القضاء في النظام، كان من العقول المدبرة للمجزرة في سجون طهران ووقَّع أحكام الإعدام بحق العديد من السجناء، لكنه لم ينبس ببنت شفة حتى الآن. ووقَّع الملا حسين علي نيري جميع أحكام الإعدام في سجون طهران، وكان يعتبر رئيسًا لفرقة الإعدام، ولم يقل كلمة واحدة عن هذه الجريمة، السرية بشأن هذه الجريمة هي قرار حكومي، على سبيل المثال، عندما كتبت صحيفة إصلاحية تدعى آريا في عام 1998 مقالاً عن مذبحة عام 1988، أمر محمد خاتمي، الذي ادعى أنه إصلاحي، على الفور بحظر الصحيفة. *ما انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرضت لها أثناء وجودك في السجن؟ * لا يوجد شيء اسمه حقوق الإنسان في سجون النظام الإيراني، في الوقت الذي كنت فيه في السجن، كان يتم ممارسة جميع أنواع التعذيب على السجين لدرجة أن بعض السجناء فقدوا حياتهم بسبب التعذيب. بعضهم مفقود مثل حسين مجيدي والنظام لم يخبر عائلته بمصيره منذ 39 عاما، ولم يكن هناك وكيل أو محامي للدفاع أثناء المحاكمات، لم يكن هناك قانون في المحاكم، ولا يوجد حتى الآن، والقاضي المعتمد من قبل خامنئي يصدر الأحكام وفق تعليمات عامة ووفقًا للظروف السياسية. الحبس الانفرادي طويل الأمد، الذي يصل أحيانًا إلى ثلاث سنوات، وحبس 40 شخصًا في زنزانة يمكن أن تستوعب ثلاثة أشخاص. إن الاحتفاظ بالسجين في قفص أو في حفرة مثل القبر لفترة طويلة، وتجويع السجين، وإبقاء السجين مستيقظًا لمدة أسبوع، وإبقاء السجين واقفاً من يومين إلى 7 أيام، هي أشياء شاهدتها بنفسي، وجميعها جرائم لم يسبق لها مثيل في أي مكان في العالم. اسمحوا لي أن أذكر موقفا لتوضيح عمق جرائم النظام؛ كان نجل أحد كبار ملالي النظام، الملا علي مشكيني، في عنبرنا، وفي عام 1983 أرسل مشكيني ممثلين اثنين لزيارة السجن، حيث التقيا بنجل مشكيني وسألوه عن الوضع في السجن، وقال لهم إن الوضع هنا يجعلني أتمنى لو كنت في سجن إسرائيلي لأنه ليست كل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الأسرى الفلسطينيين يمكن مقارنتها بالجرائم في هذه السجون، لقد صُدموا لسماع ذلك، لكن نجل مشكيني أصر على قول هذا حتى يعرفوا عمق الجرائم في السجون. * من كان وراء هذه المجزرة؟ * الفتوى صدرت عن الخميني، مرشد النظام آنذاك، وكان يتلقى تقارير بإعدامات، لكن جميع كبار مسؤولي النظام، بمن فيهم خامنئي ورفسنجاني وموسوي (الذي كان رئيس الوزراء) والرئيس الحالي روحاني، كانوا على علم بالجريمة وكانوا متورطين. وشكلت في وسط كل محافظة لجنة مكونة من القاضي الديني، والمدعي العام في المحافظة، ورئيس المخابرات في المحافظة، ووقعت هذه اللجان على أحكام الإعدام، وشارك في عمليات الإعدام جميع مسؤولي وموظفي السجن، وكان هدف الخميني تدمير منظمة مجاهدي خلق التي كان يخافها بشدة. *ما شهادتك حول هذه الفترة؟ * بحسب الأخبار المنتشرة، فإن أحد عملاء النظام المسؤولين عن عمليات الإعدام في سجن غوهردشت في ذلك العام اعتقل في السويد العام الماضي، اسمه حميد نوري، الذي كنا نعرفه في ذلك الوقت باسم حميد عباسي. وقام القضاء والشرطة القضائية السويدية بالتحقيق في القضية خلال العام الماضي، وشهدت أنا وعدد من سجناء منظمة مجاهدي خلق الذين كانوا في السجون الإيرانية في ذلك الوقت أمام القضاء السويدي كشهود على جرائم هذا الشخص، وشرحت لهم شخصيًا ما رأيته في ذلك الوقت، بما في ذلك حقيقة أنه في الممر الرئيس للسجن، الذي نسميه ممر الموت، قرأ هذا الشخص بصوت عالٍ أسماء السجناء المحكوم عليهم بالإعدام واصطفهم في منتصف الممر، وأخذهم إلى مكان الإعدام. لقد شاهدته يفعل هذا مرات عديدة، كما أوضحت للسلطات أن هذا الشخص قد جردنا جميعًا من ملابسنا، حوالي 250 شخصًا، في برد الشتاء عندما دخلنا سجن غوهردشت. وهاجمونا بالكابلات والعصي وأي وسيلة أخرى من هذا القبيل، وأصابوا وجرحوا أجسادنا العارية. *هل ما زالت هناك أسرار غير معلنة من ذلك الوقت؟ * بالطبع هناك أسرار غير معلنة، حجم هذه الجريمة كبير جدا جدا ولا يمكن تصوره، تخيل لثانية أن 30000 سجين تم تسليمهم لفرق الموت في فترة وجيزة في جميع أنحاء إيران وفي مختلف المحافظات، ما زلنا لا نعرف الكثير عن تفاصيل هذه المجزرة، وعلى الرغم من تحديد الأهالي لعدد من المقابر الجماعية وكشفها من قبل المقاومة الإيرانية، إلا أنه لا يزال من غير الواضح بالضبط أين وكيف تم دفن الشهداء، وبعد 33 عامًا، لا تزال العديد من العائلات تجهل أماكن قبور أبنائها وأقاربها. *هل الانتفاضة التي تحدث في الوقت الحالي هي امتداد للظلم والقهر الذي مارسه النظام في كل هذه الفترة؟ * بالطبع هو كذلك. أنا شخصياً أعتقد أن هذه الانتفاضات التي تجري في إيران، من ناحية، هي نتيجة مباشرة للقمع والظلم الذي مارسه هذا النظام بحق الشعب الإيراني، ومن ناحية أخرى، هي نتيجة دماء أولئك الشهداء الذين أظهروا الطريق لمقاومة الأجيال القادمة. والشعب الإيراني يستوحي من شجاعة وتضحيات هؤلاء الشهداء في كفاحهم ضد هذا النظام. *كيف يتأثر العالم إذا استمر النظام الإيراني في الحكم لوقت أكثر من ذلك؟ * في رأيي، سيؤدي إلى زعزعة استقرار جميع دول المنطقة والعالم؛ فالنظام الإيراني لا يفعل شيئًا سوى تصدير التطرف والإرهاب إلى خارج إيران، وقد استثمر في زعزعة استقرار جميع دول المنطقة على مدى السنوات الأربعين الماضية للحفاظ على حكمه، من خلال تقديم الدعم المادي والروحي للجماعات الإرهابية والمليشيات المتطرفة في العراق واليمن ولبنان وفلسطين، ودعم الأنظمة الديكتاتورية مثل بشار الأسد في سورية وغيرها، ويعتبر النظام هذه الدول عمقه الاستراتيجي وخط دفاعه. أتذكر أنني التقيت بسجين في سجن إيفين عام 1988 شخصاً كان من أصل إيراني ويعيش في الإمارات العربية المتحدة، وحصل على معلومات عن تفجير يستهدف قوات الحرس في أبو ظبي وأبلغ السلطات هناك مما أدى إلى اعتقال عصابة إرهابية كبيرة حينها، وبعد فترة، عندما ذهب إلى إيران لزيارة أقاربه، اعتقله نظام الملالي. وباختصار برأيي فإن استمرار هذا النظام لن يؤدي إلا إلى استمرار الإرهاب وزعزعة استقرار دول المنطقة، والحل يكمن في انتفاضة الشعب الإيراني بقيادة منظمة مجاهدي خلق ومعاقل الانتفاضة، وعلى دول المنطقة، من أجل التخلص من هذا النظام، أن تعترف بانتفاضة الشعب ومقاومته الإيرانية المشروعة.