منذ كتب فهد عافت مقالة عن الكتاب الورقي وأنا أفكر في كتابة هذا المقال كي أتغزل في الطريقة التي أفضلها في القراءة والتي أصبحت بالنسبة لي مسألة لا بديل ولا غنى عنها، وكي أزيل عن الذين يقرؤون بطريقتي أي شعور بالحرج يحاول قراء الكتاب الفيزيقي أن يبثوه فيهم لأنهم لا يملكون تلك الحميمية التي يشعرون بها حين يحملون الكتاب ويلمسونه ويدللونه ويشمون رائحته. بالنسبة لي كشخص يعاني من حساسية مزمنة، فإن معاناتي من رائحة الكتب والغبار الذي يتراكم عليها وبينها هي مسألة تجعل الكتاب الإلكتروني أكثر مراعاة لصحتي وعناية بجيوبي الأنفية. كنت في السابق وبعد عدة محاولات للقراءة من خلال الأجهزة، أكرر ما يقوله عشاق الورق، لكني منذ عدة سنوات، وفي لحظة إلهام، فالإلهام ينزل على القراء أيضا وليس حكرا على الكتاب، قرأت كتابا كاملا وبسرعة وشغف على جهاز الآيفون الصغير. ذهلت، وأحببت الفكرة، واشتريت بعدها آيباد ميني وكان السبب الرئيس أنني أردت قراءة الكتب من خلال جهاز يكون حجمه بحجم الكتاب، وها أنا أحمل جهازي وأقرأ فيه كما يحمل القراء كتبهم الورقية، أحمل أنا جهازي وأقرأ منه كل ما لذ وطاب. آخذ معي مكتبتي أينما ذهبت وحيثما يممت. السنة الماضية مثلا، ومن دون قرار مسبق، اضطررت إلى المكوث في كندا سنة كاملة، وجود مكتبتي معي في جهازي الصغير، خفف عني بينما كانت مكتبتي الورقية بعيدة آلاف الأميال كانت الأخرى الإلكترونية تطمئنني وتزيل عني بعض القلق والأرق. في الحقيقة استغنيت تماما عن الكتب الورقية وأصبحت أسيرة الأخرى، لا أقرأ كتابا ورقيا إلا إذا تعذر تماما الحصول على نسخة إلكترونية منه، القراءة من الجهاز أسهل بمراحل، والعذوبة التي تمنحني هي القراءة تأتي من جودة الكتابة لا من جودة الورق. عند النوم لا أبحث عن مصباح يضيء لي الورق كي أرى الكلمات، وإذا انتهيت لا أبحث عن فاصل أعلم به الصفحة التي وصلته إليها، يغنيني الآيباد عن ذلك ويأخذ بيدي ويفتح لي الصفحة التي نمت عندها وانزلق من بين يدي من دون أن أشعر. إذا كنت أقرأ موضوعا يحتاج إلى بحث لا اضطر إلى ترك الكتاب والاتجاه إلى الكمبيوتر للبحث عما أريد فهو في يدي، والكتب الإنجليزية تمنحني القدرة على ترجمة كلمة غريبة بمجرد الضغط عليها. هناك ميزات أخرى كثيرة، حتى وضع علامات وخطوط وما إلى ذلك، هناك غزل كثيف أستطيع أن أضيفه لولا أنني تجاوزت الحد المسموح من الكلمات. وها أنا أعلن للملأ هذا العشق من دون خجل أو مواربة.