هي جزء أصيل وطاقة كبرى، لذلك استحقت المرأة السعودية كل مكتسباتها التعليمية والتدريبية والخدمية، لتصبح الآن قائدة لمركبتها الخاصة بل وحاصلة على تراخيص قيادة الطائرات، وحاضرة في النشاط الرياضي محلياً وعلى مستوى الألعاب الأولمبية ذات يوم مشرق في عاصمة العرب الرياض ونحن ندلف، أنا ورفيقي، إلى معرض الرياض الدولي في العام الماضي 2019، كان جليّاً أن الصورة المجتمعية للمناسبة السنوية تزداد زخماً، كما وضح، وللوهلة الأولى، أن وجود المرأة السعودية في أرجاء المكان كان طاغياً، سواء من حيث عدد زائرات الموقع للاستزادة من محتواه المعرفي والثقافي، أو من حيث المشاركة الفعلية في خدمات المعرض وإرشاد الزوار وتقديم المشورة في أي شأن يخص المناسبة الكبيرة. المكان كان يعج بالحركة والزوار، وتفاصيل الموقع كانت مزدحمة بالممرات التي تقود إلى محال المشاركين العديدين الذين جاء كثير منهم من خارج المملكة لعرض ما جادت به دور النشر في بلدانهم، وجاءت زيارتنا، أنا وصديقي العربي الذي رافقني خلال الفترة النهارية، واخترناها لأنها في العادة هي الأقل ازدحاماً من الفترة المسائية، ومع ذلك كان الحضور كبيراً على غير ما توقعنا. بروح سمحة وتهذيب عال أرشدتنا، إحدى الفتيات السعوديات العاملات في طواقم خدمة الزوار لمكان الكتاب الإلكتروني والإصدارات غير الورقية، حيث سألناها فاستعانت بالخارطة الموجودة بالجهاز المساعد الذي تحمله ودلتنا على غايتنا. بعدها قضينا سويعات رائعات في المكان، وتجولنا في أرجائه، واقتنينا ما تيسر من كتب وإصدارات، وكان الانطباع الذي لا يفارق الذاكرة أن بناتنا السعوديات قد عبرن لضفاف جديدة من الأدوار المجتمعية، وأن حركة تمكين نشطة تتهيأ لفتياتنا، وهن جديرات بها، ليكنّ وسيلة وغاية ضمن الاستراتيجية الشاملة لرؤية المملكة 2030. الصورة الآن في المملكة غيرها عن تلك الصورة التي كانت سائدة منذ عقد من الزمان، صحيح أن الفترات السابقة كانت مساحة للتهيئة، فمنذ سنوات السماح بتعليم المرأة، ثم إقامة الرئاسة العامة لتعليم البنات، وصولاً إلى الابتعاث الخارجي وإقامة أكبر صرح أكاديمي مخصص للإناث من خلال جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، كان كل ذلك أرضية مهمة للانطلاق الواثق بدور المرأة في المجتمع السعودي، لتصبح عقلاً مضيئاً وساعداً معطاء في النهوض بالوطن، وهي التي تشكل نصف عدد سكانه. هي صورة لافتة بالفعل، فبعض أجيال المملكة نشأت على دور خجول لا يستوعب من طاقات المرأة السعودية إلا النزر اليسير، لكن التخطيط الاستراتيجي للاستفادة من هذه الطاقات كان حاضراً، يلحظه الآن القادم منذ دخوله لمطاراتنا وموانئنا بوجود العنصر النسائي المؤهل والفاعل في أداء الواجب، بل ويعيشه كل من يعاصر واقع التحولات التدريجية والكبيرة التي يشهدها واقع المرأة السعودية ودورها العملي في إدارة دفة النماء لسفينة الوطن. هي جزء أصيل وطاقة كبرى، لذلك استحقت المرأة السعودية كل مكتسباتها التعليمية والتدريبية والخدمية، لتصبح الآن قائدة لمركبتها الخاصة بل وحاصلة على تراخيص قيادة الطائرات، وحاضرة في النشاط الرياضي محلياً وعلى مستوى الألعاب الأولمبية، ورئيسة للبلدية، ومديرة للجامعة، وسفيرة لبلادها في الدول الأخرى، وغير ذلك من مكاسب وأدوار أثبتت جدارتها بها وأحقيتها فيها. قال لي صديقي العربي ونحن خارجان من بوابة معرض الكتاب: إنه يرى صورة متطورة وباهرة لمشاركة السعوديات في العمل العام. قالها وهو حديث عهد بالعودة للعمل في المملكة بعد أن غادرها لأكثر من عشر سنوات، حيث تظل الملاحظة للتغيرات أكثر وضوحاً لمن يغادر المشهد ثم يرجع إليه. أعاد الله دورات معرض الكتاب الدولي إلى سابق ازدهارها بعد أن حالت جائحة كورونا دون تواصلها في العام 2020، وعزز الله دوران عجلة السير إلى الأمام، حيث الغرس الذي ظل يترعرع وينمو عبر السنوات في تأهيل فتياتنا واستيعاب قدراتهن تدريجياً، لتأتي رؤية 2030 وتضع طاقات المرأة السعودية في مكانها المتقدم الذي يقودها للمزيد من المكاسب المستقبلية بحول الله وقوته.