بالتأكيد أن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، ودخول هذا القرار حيز التنفيذ منذ العاشر من شهر شوال الجاري يمثل منعطفًا تاريخيًّا مهمًّا ونقلة نوعية ومفصلية في هذه المرحلة من تاريخنا السعودي المعاصر. كلنا عشنا مخاض ما قبل اتخاذ القرار، وما كان يشكله هذا الموضوع من جدلية اجتماعية كبيرة. لكن عندما نتحدث عن القرار فإننا لا نأخذه منفصلًا، وإنما بكل سياقاته؛ إذ جاء في سياق مجموعة كبيرة من القرارات المتلاحقة، التي كانت تركز على تمكين المرأة، وإتاحة الفرصة لها كاملةً للعمل في مختلف مجالات الحياة ونشاطاتها المختلفة، باعتبارها الشريك المقابل للرجل في التنمية والحياة. ومن أجل تسليط الأضواء على هذا، وتزامنًا مع قيادة المرأة للسيارة نظمنا هذه الندوة تحت عنوان (المرأة والحياة.. تمكين تنموي شمولي.. القيادة أنموذجًا) وفيها ناقش المشاركون العديد من الجوانب تحت مظلة هذا العنوان. المرأة.. قيمة اجتماعية وتنموية في البدء أردنا أن يكون منطلقنا في الحديث عن المرأة شموليًّا، فكان مرتكزه القيمة التي تمثلها المرأة في مجتمعنا السعودي بدأ سليمان الزايدي الحديث بقوله: يؤدي غياب المرأة عن دورها في الحياة الاجتماعية لشلل خطير في المجتمع؛ ليصبح كمن يمشي على قدم واحدة فلا تستقيم الحياة المزدهرة، دون قيام المرأة بدورها المنوط بها، والنماذج على الدور الإيجابي للمرأة في المدن والأرياف كثيرة، ومن أهم توجهات التحول الوطني ورؤية 3020 تمكين المرأة والشباب. حماية حقوق المرأة وتطرق الزايدي إلى موضوع حماية المرأة وصيانة حقوقها، فيؤكد أن: الأنظمة في المملكة تستمد شرعيتها من الكتاب والسنة، وتحفظ للأفراد وللمجتمع حقوقهم، وقد نصت على ذلك المادة (26) من نظام الحكم؛ إذ تقول: تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية وما قد يلاحظ هنا وهناك من إسقاطات وهنات فمرده لسوء التطبيق للأنظمة، والمعول عليه تكون لدينا آليات مراقبة، تتزامن مع مرحلة التحول الوطني تراقب تطبيق الأنظمة ومحاسبة من يتلاعب بحقوق المواطن، أو المقيم، سواء كان رجلًا أو امرأة. مشاركتها في الحج لا يتجاوز 1% فاتن حسين ترى من جانبها أن تنمية المجتمع بشكل طبيعي مرهون بتفعيل دور المرأة، وترى وإن كانت المرأة أخذت حقوقها إلا أنها لا تزال تنتظر المزيد؛ لتكون مشاركتها أكثر قوة داخل المجتمع.. حيث تؤكد: أنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية شاملة، أو أن يسير المجتمع بثبات في تطوره وتقدمه إلا بتفعيل دور المرأة كشريك تنموي مجتمعي أصيل وليس ثانويًّا، وفي هذا السياق لا بد من تمكينها في أخذ كامل حقوقها، صحيح أنها مكنت في العديد من المجالات لكن علينا عدم الاكتفاء بهذه الأدوار، بل لا بد من أن يشمل هذا التمكين القطاعات كافة، وقد سبق وأن طالبت بتمكينها في العمل في موسم الحج؛ حيث إن نسبة مشاركتها في الوقت الحالي لا تتجاوز 1 %، بالرغم أن معظم من يفدون لأداء مناسك العمرة هم من كبار السن، والكادر النسائي أكثر مرونة في التعامل مع هذه الفئة، إضافة إلى تمكينها في مجال الزراعة، ودعم الأسر المنتجة والصناعة وحتى الآن المجهودات التي تقدم هي اجتهادات لا أكثر، والعديد من البرامج التي بدأت لم تصل للعالمية، ولم تحقق أهدافها. والصحيح بأن المجتمع تم تهيئته منذ سنوات عدّة عبر السماح بعمل المرأة في مجالات عدّة، وتمكينها من خلال الابتعاث وهي قادرة على إثبات نفسها، ولا يخفى علينا بأن نسبة 70 % هم من فئة الشباب وهذا ما سيساعد في تحقي رؤية المملكة والتحول الوطني التي تبنتها المملكة فرق المرحلة شاسع الدكتورة جميلة مرشد ترى أنه لا اختلاف على المرأة كقيمة اجتماعية، ولكن الاختلاف على مكمن القيمة ومراحل اكتسابها.. وتوضح ذلك بقولها: إننا نعرف أن المرأة هي نصف المجتمع كما يقولون، وبالتالي نعرف أهميتها كقيمة اجتماعية داخل المجتمع، ولكن المشكلة كانت أين تكمن هذه القيمة؟ وأنا أعتقد أن المرأة تستمد قيمتها من أدوارها كافة، ومسؤولياتها في حين أن البعض يحصرها في داخل دائرة مغلقة. بالتأكيد العمل يمثل جانبًا مهمًّا في هذه القيمة؛ ولذا تسعى الدولة لإتاحة الفرص لها في مجالات العمل كافة وعلى المستوى الشخصي كانت لي تجربة فتمكين المرأة كان موجودًا من السابق من قبل بعض الأسر؛ حيث إن أسرتي كانت داعمة لي في مسيرتي العلمية والعملية ولا تفرق وقتها بين الرجل والمرأة من حيث التعلم والعمل، والحقوق كانت متساوية لكن كانت الصدمة من المجتمع في وقت سابق الذي كان يرفض عمل المرأة، خاصة في بعض المهن من ضمنها، الطب ووجدت معاناة في بدايتي العملية من بعض أفراد المجتمع، الذي كان يرفض عمل المرأة في مهنة الطب؛ كونها تقتضي بعض الحياة الأحيان الخروج، أو العودة في منتصف الليالي. وأسرة زوجي كانت في البدايات غير متقبلين عمل المرأة، وكذلك الجيران والأقارب الذين كانوا يستغربون من عمل المرأة وسط الرجال. الآن الوضع اختلف تمامًا؛ فالوعي زاد والمرأة بدأت تعمل في شتى المهن وأثبتت وجودها وأصبحت تحظى بالكثير من الحقوق والواجبات. صيانة الحقوق والتمكين التنموي وأشارت لمى إلى أن الدولة اعتنت بالمرأة ومن أبرز أوجه ذلك هو الأعتناء بها على مسارين متوازيين، المسار الأول: صيانة الحقوق الإنسانية للمرأة وقد تضمَّنت الأنظمة القضائية في المملكة العربية السعودية حفظ الخصوصية للمرأة والنص على حقوقها ومن ذلك حقوق المرأة عند التوكيل وحقوق المرأة عند التحقيق وحقوق المرأة في المحاكم وعند الترافع وغيرها من الحقوق. وفي الوقت الذي اهتمت فيه المملكة بتمكين النساء من العمل في شتى المجالات فإنها لم تترك المرأة العاملة من غير رعاية ولذلك أقرت نظام للعمل لتشغيل النساء تضمَّن مجموعة من المواد التي تركز على حفظ حقوق المرأة العاملة بما يحقق انتاجيتها ويراعي طبيعتها وخصوصيتها. وفي المسار الثاني تعلق بالقرارات التي أصدرتها الدولة لتمكين المرأة كشريك تنموي، وفي هذا قامت الدولة بالعديد من الأجراءات مثل إصدار تراخيص لمزاولة الأنشطة الاقتصادية والبدء في إنشاء وحدات وأقسام نسائية في جميع الجهات التي تقدم خدمات ذات علاقة بالمرأة. وقيام الجهات المختصة ذات العلاقة بتخصيص أراض أو مناطق داخل حدود المدن وتهيئتها لإقامة مشروعات صناعية تعمل فيها نساء. وقيام مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية بتشكيل لجنة نسائية من ذوات الخبرة والكفاءة. ودخولهن المجالس البلدية، وإيجاد أقسام نسائية في المحاكم وكتابات العدل بإشراف إدارة نسائية مستقلة في الجهاز الرئيس. والسماح بمحاميات ودخول المرأة النيابة العامة إلى غير ذلك من الإجراءات. عدد الإناث ما يقارب 48 % وفي معرض حديثه عن قيمة المرأة في المجتمع السعودي يؤكد مستور المطرفي بأن الأحصاءات تؤكد رقما وفعلا ان المرأة نصف المجتمع وهذا يبرز قيمتها وقوتها فيوضح: بأن مفهوم تمكين المرأة هو إعطاء القوة اللازمة للمرأة لتكون فاعلة وقادرة على أخذها من المجتمع، وقيمتها كفلتها الإسلام أولًا ومن الدولة، والمرأة كقيمة اجتماعية لا يختلف عليها اثنان، وآخر إحصائية لعدد السكان في المملكة كان عدد الإناث ما يقارب 48%؛ ما يدل أنهن عدد لا يستهان به وهن نصف المجتمع إذا تم إعطاؤهن حقوقهن سيكونون عنصرًا ودافعًا مهمًّا لعملية التنمية في المجتمع، والعمل التطوعي شهد العديد من المبادرات التي كانت فاعلة؛ نتيجة مشاركة المرأة فيها، وقدمن العديد من البرامج لخدمة ضيوف الرحمن وجمعيات مراكز الأحياء، التي بدأت كلجان نسائية، ومن ثم تطورت إلى مبادرات نالت استحسان المجتمع. والوقت الذي كانت تحتاجه المرأة في السابق لقضاء شؤون الأسرة طويل قياسًا بالوقت الحالي، وبالتالي هي يمكن أن تشارك تنمويًّا ومجتمعيًّا، إضافة إلى شؤونها أسريًّا ثم إن هناك شيئًا آخر، وهو أن نتيجة العولمة ووجود التقنية ألغى الفوارق والانغلاق داخل بعض أطياف المجتمع، الآن مع الانفتاح الذي حصل أصبحت العادات شبه موحدة، ونادرًا ما تجد المنغلقين وعاداتهم تختلف عن الآخرين، وهذا ساعد على تقبل المجتمع لكل قرارات تمكين المرأة. الحقوق مكفولة ويشارك سيف التركي سليمان الزايد في موضوع حقوق المرأة وضرورة احترامها ورعايتها فيقول: أن حقوق المرأة مكفولة في ديننا الإسلامي قبل تشريع الأنظمة والقوانين الوضعية، وقد يتصور البعض بأن القرارات الجديدة لتمكين المرأة، جاءت على سبيل الأمر الجديد، ومنحت من القوانين الوضعية لكنها في حقيقة الأمر مستنبطة من دستورنا القرآن والسنة، ودولتنا التي تحكم بشرع الله لا يمكن أن تفرض نظام وتشرعه إلى وفق الشريعة الإسلامية، وما يخص نظام الحماية من التحرش القرآن الكريم كفل للمرأة حرمتها واحترامها ومكانتها، ويجب على الرجل معاملتها إلا بالمعروف والرسول -صلى الله عليه وسلم- وصى في أحاديث كثيرة بالمرأة، ويجب أن يكون هذا منطلقنا في تمكين المرأة، وإعطائها حقوقها، وعدم مصادرة هذا الحق. مسح الصورة عنا المدربة والمستشارة الأسرية عفاف شرف تحدثت عن التمكين للمرأة من أين يبدأ، وتطرقت إلى جانب مهم، وهو أن تمكين المرأة وتطورها أديا إلى مسح الصورة المأخوذة عن المرأة السعودية في العالم، تقول في هذا السياق: تمكين المرأة يجب أن يبدأ من الأسرة، ومهم أن نواصل من خلال المؤسسات المجتمعية مشروع تمكين المرأة من جانب الأم، وطرق تربيتها لأبنائها، ومعرفة حقوقها وطرق الحصول عليها، وهذا سيعزز جوانب تمكينها الذي هو في النهاية يقود إلى تقدم المرأة وتطورها، وسيمسح الصور السلبية عنا في الخارج؛ حيث كان العالم يعتقد بأننا نعيش على الجمال، وعندما يشاهدونها تتحدث اللغة الإنجليزية أو تبدع في مجال من المجلات يبدون استغرابهم والحمد لله أن المرأة السعودية وصلت إلى مراحل متقدمة، وفرضت حضورها حتى على منصات التتويج في أرقى دول العالم إن من حصاد هذا التمكين ومع هذا التواصل الذي أصبح فيه العالم قرية واحدة، تغيرت تلك النظرة السلبية. استغنيت عن السائق وشاركت في الندوة ليندا حريري وهي أول فتاة سعودية تقود سيارتها في مكة لتحدثنا عن تجربتها.. تقول: قبل أن أتحدث عن تجربتي الشخصية في قيادة السيارة، أود أن أؤكد للجميع أننا متى وضعنا ثقتنا في الفتاة السعودية، فإنها دائمًا تثبت نجاحها في كل الميادين التي تشارك فيها؛ لأنها تمتلك كل مقومات النجاح، وتحتاج فقط مَن يدعمها ويشجعها على إبراز إمكاناتها في الاعتماد على نفسها، وزيادة ثقتها في نفسها. وبالنسبة لي فإن أول ما كان يشغلني هو الاعتماد على نفسي فأنا موظفة بأحد المستشفيات الخاصة في مكةالمكرمة، وأقوم في الوقت نفسه بمواصلة دراستي الجامعية وهذا الاعتماد على نفسي جعلني أفكر في شراء سيارة صغيرة تناسب إمكانياتي ودخلي وأخذتها بالتقسيط المريح وأولى خطواتي التي فكرت فيها بعد قرار السماح بقيادة المرأة، هي الاستغناء عن السائق الخاص وقيادة مركبتي بنفسي ومثلي مثل الكثير من الفتيات، القيادة عندي تمثل حاجة حيث السائق يوصلني عملي ويوصلني أكثر من مرة جامعتي، وهو في الوقت ذاته مرتبط مع بقية أفراد عائلتي، وهناك فتيات يواجهن ظروفًا صعبةً وقرار القيادة سيحل لهن الكثير من مشكلاتهن وقد حصلت على الرخصة الدولية في باكستان عام 2015م وعملت على استبدالها بالرخصة السعودية فور إقرار القرار التاريخي، وقد كان والديَّ أكبر داعمين ومشجعين لي في قيادتي السيارة والاعتماد على نفسي. على طاولة الحوار * فرع جمعية حقوق الإنسان بمنطقة مكةالمكرمة استضاف الندوة * الأستاذ سليمان الزايدي أحاط الندوة بحسه الإعلامي والحقوقي وسهل ورحب وأضاف * تفاعل المشاركون مع اختيار المكان وكأن هناك ربطًا حقوقيًّا ما بين العنوان والإنسان والمكان * تقاسم الرجال والنساء العدد في المشاركة 5 إلى 5 وكأنه تناغم لعملية (التنصيف) المجتمعية * كان هناك تنوع في اختصاصات المشاركين؛ ما أدى إلى التكامل في الرؤى والنقاشات * الجميع كان في الموعد؛ ما يعطي انطباعًا عن الالتزام والاحترام في شخصيات المشاركين * اتفق الجميع على أن المرحلة وتتالي قرارات التمكين أسهما في استيعاب قرار القيادة المشاركون في الندوة 1. الأستاذ سليمان الزايدي مدير فرع حقوق الإنسان بمنطقة مكةالمكرمة 2. الأستاذ مستور المطرفي رئيس المجلس البلدي بالعاصمة المقدسة 3. الدكتورة جميلة مرشد مساعد مدير إدارة الصحة المدرسية 4. الأستاذ سيف التركي محامي ومستشار قاوني 5. الأستاذه فاتن حسين تربوية وكاتبة 6. الأستاذة لمى الزيادي محامية ومستشارة قانونية 7. الأستاذة عفاف شرف مدربة ومستشارة أسرية 8. ليندا حريري أول فتاة تقود السيارة في مكة قرارات تمكين المرأة السعودية 2006م تأنيث العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية. 2011م تمكين المرأة من المشاركة في الانتخابات البلدية. 2012م السماح للمرأة بالمشاركة في انتخابات ومجالس الأندية الأدبية. 2013م المرأة عضو يتمتع بالحقوق الكاملة للعضوية في مجلس الشورى. 2013م السماح للمرأة بمزاولة مهنة المحاماة وامتلاك المؤسسات القانونية وإدارتها. 2015م إنشاء أقسام ولجان نسائية في وزارة الحج ومؤسسات الطوافة. 2015م السماح للمرأة بالعمل في محلات بيع التجزئة ومحلات بيع وصيانة الجوالات. 2016م السماح للمرأة بالعمل في حركة المراقبة الجوية ومراكز اتصالات الطوارئ. 2016م دخول المرأة المجال العسكري مثل الجوازات وأمن المطارات والسجون. 2016م تمكين النساء من استخراج بطاقات هوية خاصة واستصدار بطاقات عائلية للمطلقات والأرامل. 2016م إلغاء شرط حضور المرأة إلى المحكمة بصحبة قريب من الذكور لتأكيد هويتها. 2016م السماح بحضور لاعبات سعوديات الدورات الأولمبية. 2016م منح تراخيص النوادي الرياضية للنساء. 2017م قرار حصول النساء على الخدمات الحكومية بدون شرط إذن ولي الأمر. 2017م السماح للعائلات بدخول الملاعب الرياضية. 2017م صدر أمر ملكي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة واستصدار رخصة قيادة.