يحظى المجالان الإعلاميان للسياسة والرياضة بمتابعة جماهيرية كبيرة، وعليه واكبت القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء والمطبوعات وكل ما يتعلق بالنشر إلكترونياً هذا الاهتمام بتفاعل كبير معه، حتى أن الأمر تجاوز فبلغ من التنافس في جذب الاهتمام إلى الخروج عن القاعدة الموضوعية في التقييم والتحليل والنشر. في مشهد التحليل السياسي والآخر الرياضي وخاصة فيما يتعلق بامتدادنا العربي فوضى متنامية، حتى أنه أخذ بعداً تضليلياً ملحوظاً، بدا وكأن السيطرة عليه صعبة جداً، وقد يبدو السبب أولاً الإثارة المطلوبة التي تسعى الوسيلة الإعلامية لإضافتها كي تحظى بمتابعة أكثر من غيرها، وفي مرات كثيرة أن تكون مرتبطة بأجندة تعمل على تمريرها، وقد يكون السبب أحياناً في نوعية المحللين الرخيصين البعيدين عن الالتزام الأخلاقي. سيطرة متطلبات الربح وتحديات العصر الإعلامي المضطرب الذي نعيشه، جعلت الفوضى التحليلية تأخذ أبعاداً كبيرة، وهذا الأمر يدفعنا لإطلاق السؤال المهم: من هو المحلل المطلوب لمنح المتابعين الإضافة المطلوبة، في ظل ما تؤكده المواثيق الإعلامية وأخلاقيات المهنة؟ في المجال التحليلي السياسي غير المنضبط تبدو قناة الجزيرة على رأس الهرم في البعد عن المصداقية والانقياد للأجندات التحريضية الضارة، وقد استمرت وأصرت على ذلك حتى باتت مصداقيتها في أسفل القاع.. وأصبحت لا يعتد بها أبداً.. وهذا ليس رأي كاتب هذا السطور، بل إن التراجع الكبير في المتابعة والمشاهدة وفق أرقام موثقة بين بدايتها وما هي عليه الآن يثبت ذلك. أما في المجال التحليلي الرياضي فلا يقلّ تردّياً فقد بلغ كثير منه من التسطيح والاختلاق فيه ما جعله يصبح عنواناً رئيساً لبعض البرامج الرياضية البائسة، ولم يعد معه الأمر مقتصراً على المتخصصين في المجال من أصحاب المعلومة والخبرة من الإعلاميين والممارسين الخبراء من الرياضيين، بل إن هناك من اتجه للمدرجات الخاصة بالجماهير التي لا تعرف إلا لوناً واحداً وترفض ما سواه لاستقطاب المتعصبين الذين لا يضيرهم إن تم اكتشاف كذبهم ومواجهتهم به، بل يزيدون إصراراً على العبث بالمعلومات والإساءة الدائمة لمهنة الإعلام الرياضي. إن أسوأ ما يعانيه الإعلام الرياضي أن ينتمي له من أصبح يحمل هويته فرضاً وإلزاماً، وبما أساء للإعلام الرياضي السعودي حتى خارجياً، ولنا أن نتذكر كثيراً من المواقف المخجلة وهم يُستضافون في قنوات خليجية عملت على استغلال سطحيتهم وكيدهم لبعضهم كي تصنع منهم برامج مسيئة لواقعنا الرياضي. المهم في القول: إن مجالي الإعلام السياسي والرياضي عربياً فيهما كثير من الخلل، ويفتقران إلى الاحترافية المهنية في معالجة الأحداث، فهما ينقادان للعاطفة، مما جعل غير المؤهلين هم الحاضرين على منصات الإعلام.