كشف رئيس شركة أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، م. أمين الناصر، خلال محادثات "أسبوع سيرا" وهو محفلٌ دولي يعقدُ مقابلات ونقاشات مباشرة مع قادة قطاع الطاقة، والمسؤولين الحكوميين وصناع القرار، وقادة من قطاعات التقنية، والمالية والصناعة، إضافةً إلى مبتكرين في قطاع تقنية الطاقة عن تربع مسألة الأمن الإلكتروني على سلم أولويات الشركة التي اختبرت المنظومة برمتها خلال 20 يومًا بغية زيادة الإنتاج من 9.7 إلى 12 مليون برميل في اليوم، بفضل مستويات المخزون المُثلى التي تمتلكها الشركة وبرنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة (اكتفاء)، والذي وصلت نسبة الإنجاز فيه إلى 56 %، فإن غالبية المواد تُصنع داخل المملكة. وتعهدت الشركة بإعادة تشغيل معاملها المتأثرة بهجمات 14 سبتمبر في غضون أيام وليس شهور بموثوقية بفضل جهود الكوادر المهنية في أرامكو السعودية، رجالًا ونساء. ولفت إلى أن نصف الأيدي العاملة في أرامكو السعودية دون سن 35 سنة وما يحمله ذلك من مميزات ونقاط قوة للشركة، مركزاً على التغير المناخي والاستدامة التي هي من أهم أولويات أرامكو السعودية حتى قبل ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد. قطاع الكيميائيات الأعلى نموًا من حيث الطلب على النفط حتى العام 2040.. و«أرامكو» تتجاوز المرحلة الأسوأ وقال رئيس أرامكو: "لقد تجاوزنا المرحلة الأسوأ" في أسواق النفط، مشيرًا إلى أن تعافي الطلب على الطاقة أمر يدعو للتفاؤل بشأن النصف الثاني من العام 2020، وأن الدول أصبحت الآن على استعداد لمواجهة أي موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا المستجد، في حال حدثت، لا قدّر الله. جاء ذلك في حواره مع نائب رئيس آي إتش إس ماركت، دانيال يرجين، خلال محادثات أسبوع سيرا، حيث تحدث الناصر عن استمرار الأعمال أثناء الجائحة، وكيفية استفادة أرامكو السعودية من خبراتها السابقة إبان تفشي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في العام 2012 مما عزز جاهزيتها لمواجهة الجائحة، وأهمية أن تكون سلاسل التوريد أقرب وأقوى، إلى جانب تطبيق الدروس المستفادة من الولاياتالمتحدة الأميركية في تطوير مواردها من النفط الصخري، والاستراتيجية وراء الاستحواذ على سابك، وغير ذلك. وبخصوص تحول أرامكو السعودية إلى شركة مساهمة، قال الناصر: "لم يطرأ الكثير من التغيير عدا أن الأمر أصبح رسميًا الآن. فقد كنا نعمل في السابق كما لو كنا شركة مساهمة بالفعل، حيث كان للشركة مساهم واحد، وكنا نقدم نفس التقارير لمساهمينا. بينما بدأت جائحة فيروس كورونا المستجد في التأثير على الأعمال منذ شهر فبراير، ولكن لم يتغير الكثير في طريقة تأدية أعمالنا، باستثناء أننا نتابع الآن النتائج وتوجهات المستثمرين في السوق من خلال مراقبة سعر السهم يوميًا. وبخلاف ذلك، نتواصل الآن بشكل أكبر مع المحللين، فقد بات لدينا المزيد من المساهمين الذين نتعامل معهم". وعن توقعات أسواق النفط على المدى القريب، كشف الناصر "لقد تجاوزنا الأسوأ. تجاوز سعر خام غرب تكساس الوسيط حاجز 40 دولارًا بعد أن كان أقل من 40 دولارًا. وفي شهر أبريل كان الطلب يتراوح بين 75 و80 مليون برميل في اليوم وكان العرض كبيرًا في ذلك الوقت. وحاليًا يناهز الطلب 90 مليون برميل في اليوم". وأضاف باستبشاره خيرًا بشأن النصف الثاني من هذا العام. وخير دليل على ذلك ما تشهده الصين اليوم، حيث يصل الطلب إلى 90 % تقريبًا. وفي البنزين يبلغ الطلب نحو 95 % في الصين. ويتجه البنزين والديزل إلى بلوغ مستويات ما قبل الجائحة. ولا يزال وقود الطائرات في مستوى متأخر نظرًا لاستمرار انخفاض مستويات السفر جوًا. وستبدأ المزيد من الدول في الانفتاح، ونرى ذلك ينعكس في الطلب على النفط الخام. ولفت إلى أن هناك توقعات مختلفة تتراوح بين 95 و97 مليون برميل في اليوم بنهاية العام. والأمر يعتمد على ما إذا ستكون هناك موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا المستجد أم لا. ولكنه في الوقت ذاته أقل توجسًا بشأن ظهور موجة ثانية "لأنني أعتقد أننا أفضل من ناحية الاستعداد في الوقت الحالي، وكذلك لدى جميع الدول وجميع المؤسسات الطبية، فقد تعلمنا الكثير خلال الموجة الأولى". وحول الدروس المستفادة من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والشراكة مع جونز هوبكنز، أوضح الناصر بأنه بالرغم من أن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية كانت أقل ضررًا مقارنةً بجائحة فيروس كورونا المستجد، فقد "تعلمنا الكثير من الدروس خلال تلك الفترة التي ساعدتنا في التصدي للجائحة. بدأنا ذلك [المشروع المشترك مع جونز هوبكنز] في العام 2013 مما عزز قدرتنا بشكل كبير على التصدي للجائحة. وقال إن التعاون بين شركة ومقدم خدمات طبية مميز يعود بالتأكيد بقيمة كبيرة، لأن أي جائحة تبدو خطرًا فرعيًا عندما ننظر إلى المخاطر المؤسسية لشركة مثل أرامكو السعودية. ولقد بدأت مسيرة استعدادات الشركة وجاهزيتها قبل الآخرين بكثير، "حيث بدأنا الاستعداد مبكرًا في شهر فبراير لمواجهة الجائحة، وذلك بالتعاون مع جونز هوبكنز، مع العمل على ضمان توفر جميع الإمدادات الضرورية في شهري مارس وأبريل". وشدد الناصر بأن غالبية القوى العاملة لدى أرامكو ذات طابع صناعي. ومع استمرار الأعمال، فقد بلغت الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة في بعض الأوقات، كما استمر العمل في كافة الحقول والمعامل التابعة للشركة بسلاسة، وبدرجة عالية من الموثوقية خلال هذه الجائحة. وفي حين لجأ أكثر من 50 % [من العاملين بالوظائف المكتبية] للعمل من منازلهم، حافظ جميع العاملين في الحقول على وجودهم، وخاصة في المناطق النائية والبحرية. وتمكنت أرامكو من إدارة هذه الظروف إدارةً حصيفة من خلال اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة للمحافظة على سلامة العاملين وصحتهم من جهة، والمحافظة على مرونة الشركة التشغيلية خلال هذه الأوقات من جهة أخرى. وحول حرص أرامكو السعودية على الأمن الإلكتروني خلال الجائحة، قال الناصر "لقد استفدنا من منصب كبير مسؤولي الرقمنة في الشركة ومن امتلاك إحدى أفضل البنى التحتية لتقنية المعلومات، وقد منحنا كذلك 30,000 جهاز كمبيوتر للموظفين ليتمكنوا من العمل من منازلهم". وأشار إلى أنه ومع دخول الموظفين لشبكة الشركة من منازلهم، تعيّن علينا الاهتمام بالمسائل المرتبطة بالأمن الإلكتروني. ومع وجود العديد من المخترقين الذين يستهدفون شركات الطاقة، توجب علينا التأكد من قدرتنا على السماح للموظفين بالدخول إلى الشبكة، وحماية شبكتنا في نفس الوقت. ونجحت أرامكو بالفعل في مرونة الإنتاج الذي زاد من 9.7 إلى 12 مليون برميل في اليوم في غضون 20 يومًا فقط، ثم خفضه إلى 7.5 ملايين برميل في اليوم. ولفت الناصر في هذا الاتجاه بقوله "هناك ثلاثة عناصر لها أهمية كبيرة، إذ يتعين عليك أخذ مواردك الموجودة في باطن الأرض ومرافقك السطحية والبنية التحتية للتصدير بعين الاعتبار والتأكد من موثوقيتها الكبيرة وخضوعها للاختبارات لمثل هذه الظروف. فعندما اختبرنا المنظومة برمتها خلال 20 يومًا بغية زيادة الإنتاج من 9.7 إلى 12 مليون برميل في اليوم، توجب علينا التأكد من عمل نظام المضخات، بما في ذلك مرافق التصدير، بكل سلاسة. ومن الجدير بالذكر أن زيادة حجم الإنتاج يشكل تحديًا أكبر من خفضه، لأن عملية الخفض عادة ما تتم بوتيرة أبطأ. ولتحقيق ذلك، يتعين التعامل مع انخفاض الغاز وانخفاض التدفئة وانخفاض المنتجات، وهي أمور تمتلك أرامكو الأدوات اللازمة للتعامل معها. إلا أن مسألة زيادة الإنتاج والتأكد من عمل كافة المرافق وفق أعلى درجات الموثوقية الممكنة يتطلب الكثير من العمل. وفيما يتعلق بالأزمات الأخيرة وأهمية قوة سلاسل التوريد وقربها، أوضح الناصر لقد اضطر كثير من المعامل والمصانع والموردين من أوروبا والصين وأماكن أخرى، ممن يدعمون أرامكو السعودية، إلى إيقاف أنشطتهم بسبب حالات الإغلاق. وقد كان لذلك تأثير مؤقت على الشركة، لكن وبفضل مستويات المخزون المُثلى التي تمتلكها الشركة وبرنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة (اكتفاء)، والذي وصلت نسبة الإنجاز فيه إلى 56 %، فإن غالبية المواد تُصنع داخل المملكة، وهو أمر ساعد أرامكو كثيراً وساعدها ذلك خلال الأزمة، عندما تعرضت معامل الشركة في خريص وبقيق لاعتداءات. وأكدت جائحة فيروس كورونا المستجد من جديد على الأهمية الكبيرة لقرب سلسلة التوريد من أماكن مزاولة الأعمال. وبالنسبة للعولمة، من حيث سلاسل التوريد، فقد أثبتت نجاحها، ولكن بسبب الطبيعة الحساسة للحادث الذي وقع في بقيق وخريص أو الإغلاق الذي حدث في العديد من الدول، فإن وجود سلسلة التوريد بالقرب من المستخدم النهائي بات أمرًا شديد الأهمية في الوقت الحالي. وتعليقاً على التعافي السريع في أعقاب الهجمات على معامل بقيق وخريص، قال الناصر "لدينا أيدٍ عاملة على أعلى مستوى من الخبرة والكفاءة واصلت الليل بالنهار في عملها، وسلسلة التوريد الخاصة بنا كانت تعمل على أكمل وجه، وحصلنا على جميع قطع الغيار والمعدات اللازمة لإعادة تشغيل المرافق. كذلك، ساعدنا شركاءنا في المملكة وخارجها في إعادة تشغيل هذه المرافق". ولفت بأن في الواقع، كان هناك تكامل بين مختلف العناصر بدءًا من سلسلة التوريد، وتوفر الأيدي العاملة المدربة التي لديها الخبرة والمعرفة التي تمكنها من تحديد ما يتعين القيام به خلال مثل هذه الأزمات، علاوة على استمرارية العمل، والجاهزية. "ولقد تعهدنا بإعادة تشغيل المعمل في غضون أيام وليس شهور. وبفضل الله عز وجل ثم جهود الكوادر المهنية في أرامكو السعودية، رجالًا ونساء، نجحنا في إعادة تشغيل هذه المرافق في غضون أيام وليس شهور بموثوقة، دون تأثر إمداداتنا لعملائنا حول العالم على الإطلاق حتى أثناء الهجمات". وبين الناصر أن نصف الأيدي العاملة في أرامكو السعودية دون سن 35 سنة وما يحمله ذلك من مميزات ونقاط قوة للشركة، وقال "لا شك أن الأيدي العاملة الشابة في أرامكو السعودية تمثل نقطة قوة بالنسبة للشركة، حيث نحتضنهم ونرعاهم بدءًا من المرحلة الثانوية ونوفر لهم التدريبات التي يحتاجونها. والكثير من كوادرنا في القطاع الصناعي معينين من المرحلة الثانوية ثم يتم إلحاقهم بمراكز التدريب التابعة للشركة". وأضاف ومن ثم، فهم يستهلون حياتهم المهنية من عمر 17-18 سنة ليمضوا قدمًا في مسيرتهم على المدى البعيد. وهذا أحد مواطن القوة التي تتمتع بها الشركة في سبيل مضيها قدمًا، لا سيما بالتزامن مع ما تشهده من تطورات عديدة على صعيد الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والثورة الصناعية الرابعة، وتعلم الآلة، وهذه هي الوجهة التي تستهدفها الشركة في المستقبل. وعليه، فإن هذا الجيل الجديد من الأيدي العاملة الشابة سيساعد الشركة بشكل كبير على تحقيق أهدافها. بعد ذلك، تقدم الشركة برنامجًا جامعيًا لهذه الكوادر يمكنهم الانضمام إليه بعد المرحلة الثانوية للحصول على درجة البكالوريوس أو الماجستير أو كليهما أو الدكتوراه". وفيما يتعلق دور أرامكو السعودية في تحول قطاع الطاقة أوضح الناصر بأن التركيز على التغير المناخي والاستدامة من أهم أولويات أرامكو السعودية حتى قبل ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد. وتعمل الشركة في هذا المجال فرديًا وجماعيًا مع شركائها من خلال مبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ. وسيستمر هذا التركيز حتى بعد انتهاء الجائحة لأن التغير المناخي موضوعٌ مهم وحساس، ويجب علينا فعل أمرٍ ما للحد من انبعاثات الكربون من إنتاجنا. وقال "لا زلت أعتقد أن النفط والغاز سيظلان عنصرين مهمين في مزيج الطاقة ولمدة طويلة. كما سيكون هذا المزيج أكثر نظافة لأننا نعمل لضمان الحد من انبعاثات الكربون من إنتاجنا. ونحن في الصدارة فيما يتعلق بانبعاثات الكربون من إنتاج الشركة من حيث كثافة الكربون في قطاع التنقيب والإنتاج بواقع 10 كلغم من ثاني أكسيد الكربون لكل برميل مكافئ نفطي وتبلغ كثافة الميثان 0.06، ولم تأت هذه الريادة من فراغ، بل لأن تركيزنا منذ البداية كان على الحد من الانبعاثات والاستثمار بصورة صحيحة واستخدام التقنيات المناسبة". أمين الناصر متحدثاً ل»أسبوع سيرا». أرامكو تواصل هيمنتها في أعمالها كافة في المنبع والمصب