لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالوفاء في إعادة الحقوق إلى أصحابها وإكمالها وتنميتها وحذرنا من بخسها ونقصها وبخس أهلها وكان هذا من أساس دعوات الأنبياء المرسلين، فقد قال شعيب لقومه (لا تبخسوا الناس أشياءهم) وذلك بعد أن أمرهم بالتوحيد ونهاهم عن الشرك بالله فكان من أولوياتهم إعطاء الحقوق إلى أصحابها وإعطاء كل ذي مقام مقامه. فالبخس هو الإنقاص على سبيل الظلم والعيب من الشيء أو المخادعة عن القيمة أو الاحتيال في الكيل والنقصان منه. وقد ذكرت هذه الآية الكريمة لتشمل الأشياء المادية والمعنوية وليست مقصورة على البيع والشراء فقط بل تدخل فيها الأعمال والتصرفات وكذلك تقييم مجهودات الناس ومعرفة منازلهم وإنزالهم إياها والبخس يشمل النقص والعيب في الحق والمال والعلم والمعرفة والفضل وأيضاً المساومة والغش والحيل التي تنتقص بها الحقوق المعنوية وعرض السلع بأقل من سعرها الحقيقي. صور البخس في الحقوق كثيرة وقد تكون سبباً في محق الرزق وقلة البركة وربما زوالها. من أشد أنواع البخس أن يبخس الإنسان حق الله عليه كما فعل المشركون والنصارى فإنهم يعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم شيئاً فهذا من صور البخس ويشركون غيره في العبادات كقولهم (عزير ابن الله) وقول النصارى (المسيح ابن الله). وأيضاً بخس الأنبياء والرسل في حقهم كبخس حق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما أفتروا عليه أهل قريش وأيضاً عندما رموا السيدة عائشة بنت أبو بكر بما برأها الله منه فويل لهم مما كسبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون من أنواعه بخس الناس أشيائهم هو عدم إعطاء الفضل إلى أهله وأن يسرق الشخص جهود الآخرين وهضم حقوق الآخرين والاعتداء عليها في البيع والشراء.