علينا أن نؤمن أن التحولات التي حدثت في السعودية تجاوزت في مفهومها التحول الطبيعي إلى التحول الجذري المهم والمقبول والمطلوب تنفيذه ضماناً بإذن الله لاستقرار هذا الوطن ونقله إلى المستقبل بثبات راسخ.. ذكرى البيعة هي تقليد سياسي احتفالي اختصت به مؤسسة الحكم في المملكة العربية السعودية على مدى عقود وتحديداً منذ تأسيسها المتجدد على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، والبيعة نهج تميزت به السعودية كنموذج سياسي قادر على الإنجاز وتحقيق أعلى درجات التوافق والتكامل في مكونات الدولة السعودية بطبيعتها التاريخية. اليوم نحن نمر عبر ذكرى البيعة الخامسة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - الحكم وهذه المرة تأتي هذه الذكرى مليئة بالوعي السياسي المجتمعي بسبب ارتباطها بتحولات كبرى وعلى مستويات استثنائية حدثت خلال هذه السنوات الماضية ساهمت في إحداث مفهوم جديد مستهدف للطبيعة السياسية والثقافية والمجتمعية. ولعل السؤال المهم يدور حول حجم التحولات واتجاهاتها الكبرى في عهد خادم الحرمين الشريفين وآليات حدوثها من حيث الشخصيات أو المشروعات وذلك منذ ولادة رؤية السعودية 2030، وهي مشروع اقتصادي ثقافي اجتماعي وفق بلورة سياسية، الهدف منها أحدث تحولات فعلية مواكبة لمرحلة النضج في السعودية، وهنا لا بد من الإشارة الفعلية إلى أن دخول الجيل الثالث من أبناء مؤسسة الحكم ممثلاً بصعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شكل الإطار الأهم والأكثر تأثيراً في هذه المرحلة. الخمس سنوات الماضية من حكم خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - عكست تحولات فعلية للشكل السياسي للسعودية بتحولات شملت طبيعة الصورة السياسية والثقافية بهدف تهيئتها لدخول وصعود المكمل السياسي المرحلي عبر تهيئة الأرضية المناسبة لتحول جيلي يمكن رؤيته بوضوح في شخص سمو ولي العهد بمشروع التحول الذي تعبر عنه رؤية السعودية 2030. ليس هناك من تردد في التأكيد أن الخمس سنوات الماضية كانت أكثر السنوات إثارة وتشويقاً لتحولات المشهد في السعودية في مسارات السياسة الداخلية، بجانب تعديلات مهمة أيضاً على قواعد السياسة الخارجية لدولة يقترب عمرها من ثلاثة قرون. فالسعودية اليوم تبلغ من العمر ما يقارب تسعة عقود منذ تأسيسها المتجدد على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، وهذا العمر جعلها الوحيدة والأكبر من حيث الاستقرار في الشرق الأوسط كله، فالسعودية الثالثة التي ولدت في القرن العشرين هي أكبر من النظام الإيراني الحالي على سبيل المثال بخمسة عقود. عهد الملك سلمان - حفظه الله - حقق خلال الخمس سنوات الماضية أحد أهم الإنجازات في هذه المرحلة التي تمثلت في تقديم منجزات مؤسسة الحكم في السعودية، من الجيل الجديد من خلال وجود سمو الأمير محمد بن سلمان الرجل القوي والمثابر ذي الكفاءة العالية مما جعل الرهان رابحاً لمرحلة مهمة وتحولات جذرية قادها سمو ولي العهد خلال الخمس سنوات الماضية. الإنجازات التي تحققت في عهد خادم الحرمين تتجاوز المسار المعتاد لتسجيل المنجزات التنموية أو التطويرية فنحن في هذا العهد شهدنا أكثر التحولات أهمية بالنسبة لتاريخ السعودية والتي تستعد لتكمل مسيرتها التاريخية انطلاقاً من الاعتماد على منتجات فاعلة لمؤسسة الحكم التي مثلها الجيل الجديد من أبناء تلك المؤسسة من خلال مشروعات تطويرية انعكست برؤية المملكة 2030. الحقيقة أن الإنجازات المتحققة لرؤية السعودية 2030 ومعطياتها أصبحت جلية وواضحة من خلال قراءة صحيحة لصيغة المجتمع الذي هو في ذات الوقت ذو أغلبية شابة، وهذا ما استوجب العمل على استثمار التوافق الديموغرافي في البيئة السكانية عبر إطلاق قيم مستجدة تهدف إلى تشكيل صورة متوافقة قيمياً مع المرحلة العمرية والمرحلة التطورية التي يعيشها شباب العالم كله وليس في السعودية وحدها. إن تلك الإنجازات التي تمت في هذا المجتمع عبر السنوات الماضية يمكن مشاهدتها بصورة أكثر وضوحاً عبر عملية إعادة تراتبية للقيم، فليس ممكناً محاصرة المجتمع بقيم كانت من الماضي في المجالات الثقافية والمجتمعية وحتى السياسية، لأن الرسالة الأكثر وضوحاً في المجتمع السعودي اليوم هي تعبيراته الدقيقة والواضحة وخاصة جيل الشباب من خلال التصريح المباشر أنه جيل (لديه قيم أخرى) مثيرة لاهتمامه ويجب احترامها وإتاحة الفرصة لها لتعبر عن نفسها. اليوم ونحن نمر في هذه الذكرى الخامسة من تولي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الحكم؛ علينا أن نؤمن أن التحولات التي حدثت في السعودية تجاوزت في مفهومها التحول الطبيعي إلى التحول الجذري المهم والمقبول والمطلوب تنفيذه ضماناً بإذن الله لاستقرار هذا الوطن ونقله إلى المستقبل بثبات راسخ.