عندما أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن رؤية المملكة 2030 قبل نحو ثلاث سنوات، ضمنها سموه بنوداً تتحدث عن أهمية الابتكار والإبداع في المرحلة المقبلة، ووجه سموه رسالة إلى الشباب، دعاهم فيها إلى التفكير من خارج الصندوق، في رسم ملامح مستقبلهم ومستقبل البلاد، والبعد عن التقليدية ومحاكاة الآخرين، ونصحهم بامتلاك القدرة على التفكير العلمي، الذي يثمر عن أفكار إبداعية، تنهض بهم "أولاً"، باقتصاد الوطن "ثانياً"، وهذا ما تسير عليه الرؤية اليوم، وحققت خلاله الكثير من الإيجابيات التي يشار لها بالبنان. وهنا، تبرز مكانة "الهيئة السعودية للملكية الفكرية"، التي وجدت نفسها أمام دور محوري، متشعب المهام والمسؤوليات، خصوصاً إذا عرفنا أن أنواع الملكية الفكرية تتعدد وتختلف علاقتها وارتباطها بالاقتصاد، بناءً على هذه التصنيفات، فلدينا مثلاً حقوق التأليف والنشر، حقوق الابتكار والاختراع، وحقوق الترجمة والعلامات التجارية، ولعل الجامع بين كافة أنواع الملكية الفكرية هي أنها نتاج فكري وذهني لصاحبها، والهيئة بما تملك من صلاحيات، ستكون حريصة على القيام بترسيخ حقوق الملكيات الفكرية بالأسلوب الأمثل، في إطار دعم مستهدفات الرؤية، وتشجيع أفراد المجتمع على التفكير الإبداعي. وبالنظر إلى أهداف الهيئة السعودية للملكية الفكرية، نرى أنها أهداف تدعم مجالات الملكية الفكرية في المملكة، وتعمل على تنميتها، ورعايتها، وحمايتها، والارتقاء بها، وفق أفضل الممارسات العالمية، ومن أبرز أهداف الهيئة إعداد الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، ومتابعة تنفيذها، بعد اعتمادها، ووضع خطط عمل وبرامج زمنية لها بالتنسيق والتعاون مع الجهات ذات العلاقة، واقتراح الأنظمة واللوائح المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، وتسجيل حقوق الملكية الفكرية، ومنحها وثائق الحماية وإنفاذها، وتعزيز الاستفادة من الملكية الفكرية لبناء اقتصاد متقدم قائم على المعرفة، وإنشاء قواعد للمعلومات في مجال عمل الهيئة، وتبادل المعلومات مع الجهات المحلية، والإقليمية، والعالمية. وتدرك الهيئة أن المملكة، بها بنسبة كبيرة جداً من الشباب الواعد الطامح في تعزيز إمكاناته وتطوير ذاته، ومن ثم القدرة على الابتكار والاختراع، وعندما يشعر هذا المواطن أن اختراعه أو فكرته مُصانة بحكم القوانين والأنظمة، التي تسير عليها الهيئة وتتبعها، فهذا الأمر كفيل بتحفيزه على المزيد من الإبداع والابتكار في المجال الذي يتخصص فيه، وبالتالي، ينعكس هذا المشهد على كل الاقتصاد الوطني، الذي حتماً سينمو ويزدهر مع كل فكرة إبداعية تتطور، إلى أن تصبح منتجاً تجارياً يباع في الأسواق، تجلب لخزينة الدولة أموالاً طائلة، ولن نذهب بعيداً، وعلينا أن ننظر إلى المشهد داخل وادي السيلكون بالولايات المتحدة الأميركية، والشركات العملاقة فيه، مثل "ميكروسوفت" و"غوغل" التي قامت على فكرة إبداعية، وهي التطبيقات الإلكترونية، التي انتشرت على مستوى العالم، وبات 40 % من الاقتصاد الأميركي، يعتمد على منتجات وادي السيليكون وحده. أعود وأكرر أن لدينا أجيالاً من الشباب المبدعين والمبتكرين، الذين هم في حاجة إلى خدمات "الهيئة السعودية للملكية الفكرية"، التي أثق في قدرتها على حماية أفكارهم وإبداعاتهم من السرقة، وأثق أيضاً في قدرتها على دعم الاقتصاد الوطني، بأفكار نوعية، وهنا أدعو الهيئة إلى الإعلان عن أهدافها ودورها في المجتمع في وسائل الإعلام، وطمأنة فئة المبدعين والمخترعين الوطنيين بأن أفكارهم في أمان تام.