أعلن المشرف العام على المؤتمر والمعرض الدولي للتعليم العالي في نسخته الثامنة د. سالم المالك، الخميس، البيان الختامي للمؤتمر، والذي جاء فيه التأكيد أن الجامعاتِ لم تواكبْ ذلكَ التغيير الذي يشهده العالم اليوم مما ينبغي على الجامعاتِ أن تكونَ أكثرَ سرعةٍ لتتمكنَ من التكيفِ مع السياقِ الحاليّ للتغيراتِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والسياسيةِ والعلميةِ والتقنيةِ الملحة. وأشار البيان إلى أنَّ سرعةَ التغييرِ تزدادُ مع تداعياتِها وبصورةٍ متناميةٍ على الأفرادِ والمجتمعاتِ واقتصاداتِ الدولِ وأسواقِ العملِ، وعلى الجامعاتِ من بابِ أولى مما تَفرِضُ معه التغيراتُ العديدةُ التي تحدثُ خارجَ أسوارِ الجامعاتِ. وطالب البيان من الجامعات أن تعيدَ التفكيرَ في العديدِ من تقاليدِها وممارساتِها، إذ تحتاجُ الاقتصاداتُ والمجتمعاتُ المعقدةُ إلى جامعاتٍ قادرةٍ على الاستجابةِ للتحولاتِ في بيئتِها الخارجية، مشيراً إلى أنه وفي ذاتِ الوقت، تبقى القيمُ الأكاديميةُ التقليدية، بما فيها حريةُ الفكرِ، واستكشافُ الأفكارِ، والبحثُ العلميُّ في كلٍّ منْ المجالاتِ الأساسيةِ والتطبيقية، أساساً لانطلاقِ تلكَ المؤسسات. وتناول البيان التعليمُ عبر الإنترنت الذي كان يعدُّ ابتكارًا جديدًا في وقتٍ مضى، واليومَ أصبحَ مدمجًا في برامجِ العديدِ منَ المؤسساتِ التعليمية. خريجو الجامعات سيعتادون تغيير وظائفهم.. وسيُفاجؤون بتقادم تخصصاتهم مواكبة التطور ويضيف البيان متسائلاً إذا كان هذا هو الحالُ ونحنُ لم نتأملْ بعدُ الأثرَ الحتميَّ لتقنياتِ الواقعِ الافتراضيِّ والذكاءِ الاصطناعيِّ على كيفيةِ اكتسابِ المعرفةِ ونقلِها والإسهامِ في إنشائِها فكيفَ يمكنُ للجامعةِ مواصلةُ التكيّف؟، وهلْ سيُمكِنُها التكيّفُ بالسرعةِ اللازمة؟. ويشير البيان إلى أن الجامعات تميلُ إلى كونِها مؤسساتٍ محافظةٍ بطيئةٍ في التغيير، لكن لن تكونَ الاستجابةُ الحذرةُ للتغيراتِ السريعةِ التي تحدثُ خارجَ الحرمِ الجامعي كافيةً بعدَ اليوم. وجاء فيه: «لطالما كان التغييرُ مُرْبكًا ستكون الأنماطُ الجديدةُ للإدارةِ مرتكزاً لتوجيهِ المجتمعاتِ الأكاديميةِ من خلالِ عملياتِ التحولِ الناجحة وسيتطلبُ الأمرُ اتباع نهجٍ جديدٍ للقيادةِ الجامعية، وهو ما سيتطلبُ خلقَ محفزاتٍ جديدةٍ للجامعاتِ والمستفيدينَ لتحقيقِ التكيف، سينتظرُ المجتمعُ السعوديُّ - حتمًا - من الجامعاتِ تخريجَ المبتكرينَ وروادَ الأعمالِ القادرينَ على تحقيقِ أهدافِ رؤيةِ المملكةِ 2030»، مشيراً إلى أن الجامعاتِ لن تكونَ قادرةً على تحقيقِ ذلكَ ما لم تكنْ هي ذاتُها أهلاً للابتكار وهو ما يستدعي التفكيرَ من جديدٍ في تصميمِ البرامجِ وخططِها العلميةِ مع تقليلِ التركيزِ على الاكتفاءِ بنقلِ الكُتلِ المعرفيةِ، وتوجيهِ المزيدِ من الاهتمامِ للاستراتيجياتِ التي من شأنها أن تنمي مهاراتِ وقدراتِ خريجي المستقبل فقد أصبحت كيفيةُ التعليمِ بقدرِ أهميةِ ما نُعلِّم. تطوير المهارات وقال د. المالك خلال تلاوته البيان: «إنه من المعلومِ سلفاً أن غالبَ خريجي الجامعاتِ الآن سيعتادونَ تغييرَ وظائفِهم عدةَ مراتٍ خلالَ حياتهم العملية، وقد يجدُ الكثيرُ منهم أنّ مجالاتِ اختصاصهم قد تقادمت فجأة»، مشيراً إلى أن النموذجُ التقليديُّ القائمُ على إعدادِ الأفرادِ لممارسةِ مهنةٍ واحدةٍ وتأهيلهم بعددٍ محدودٍ من المهاراتِ المقابلةِ لم يعدْ مفيدًا. وأضاف: «لقد باتَ الطلابُ اليومَ بحاجةٍ إلى تطويرِ قاعدةٍ واسعةٍ من المهاراتِ التي يمكنُهم تكييفَها مع بيئاتِ العملِ المتغيرة لذا يتعينُ على جهاتِ التوظيفِ والجامعاتِ التواصلُ عبرَ قنواتٍ أكثرَ إيجابيّة للتأكد من أنّ احتياجاتِ سوقِ العملِ تتماشى معَ نواتجِ التعليمِ، الأمر الذي ستحتاجُ جهاتُ التوظيفِ معه أيضاً إلى الالتزامِ بصورةٍ أكبرَ وأن تستثمرَ في التعليمِ العالي من خلالِ الإسهامِ بالمنحِ البحثيةِ، وإتاحةِ فرصِ التدريبِ التعاونيِ ودعمِ مبادراتِ البرامجِ الجامعيةِ الجديدةِ، إذ لا يصحُ أن تظل مسؤوليةُ التعليمِ على الحكومةِ وحدها». وشدد البيان على أنه لا يمكنُ لأيِّ مجتمعٍ يسعى لتطويرِ اقتصادِ حديثٍ وضمانِ رفاهِ مواطنيهِ أن يتغاضى عن مواهبَ ومهاراتِ أيٍّ منهم، مشيراً إلى الفرصُ الجديدةُ المتاحةُ للنساءِ من كونها ستساعدُ على تنميةِ مجملِ المواهبِ لكافةِ قطاعاتِ الاقتصادِ السعوديِّ والاستفادةِ من رؤيتهنِّ في كلِّ اتجاه..» ومعَ ذلكَ، وللاستفادةِ بصورةٍ كاملةٍ منَ الإسهامِ الذي يمكنُ للمرأةِ تقديمُهُ، سيتعينُ عليها أن تكونَ مستعدةً لتولي مناصبَ قيادية، وللتكيّفِ مع الأدوارِ الاجتماعيةِ الجديدةِ، سيلزمهنَّ تلقي الإرشادَ من النساءِ اللاتي سبقنهنّ والدعمَ من الرجالِ المستعدينَ للمساعدةِ بفتحِ مساراتٍ جديدة». وتطرق البيان إلى تشكل أجيالُ المقبولينَ للدراسةِ الجامعيةِ اليومَ من خلالِ تجاربَ تختلفُ جدًا عن تلكَ التي مرَّ بها معلموهم حيث نشأَ الشبابُ في بيئةِ العولمةِ التي تعرّضوا فيها للعديدِ منَ الأفكارِ المختلفة، وعلاوةً على ذلكَ، فهم رقميّون منذُ نعومةِ أظفارِهم، وقد تعاملوا معَ تقنيةِ المعلوماتِ بصفةٍ يوميةٍ طِوالَ حياتِهم وربما سيحتاجُ أستاذُ الجامعةِ إلى التوجيهِ والتدريبِ والدعمِ، فضلا عنِ الحوافزِ لإعادةِ التفكيرِ في الطريقةِ التي يتعاملونَ بها معَ طلابهم والأهدافِ التي تقودُ عملياتِهم التعليمية، لافتاً إلى أن الأكاديميين بحاجةٍ للتكيّفِ معَ العصرِ الرقمي. الطريق لرؤية 2030 ونص البيان على أن المجتمع السعودي سيقودُ الطريقَ إلى رؤيةِ المملكةِ 2030 وما بعدها نحوَ تحقيقِ هدفِ الدولةِ المتمثلِ في الانضمامِ إلى الاقتصاداتِ القائمةِ على المعرفةِ، وسيكونُ منَ الضروريِّ التخلي عن بعضِ الأفكارِ التقليديةِ للتوصلِ لأمثلِ السُبلِ لإعدادِ جيلٍ مختلفٍ جدا لمستقبلٍ لم يكن منَ الممكنِ تصورهُ قبلَ عِقدٍ منَ الزمن. واختتم البيان أن تحقيق ذلك سيعتمدُ على التعاونِ الوثيقِ بينَ الحكومةِ والقطاعِ الخاصِ والجامعاتِ داخلَ المملكةِ وخارجَها أيضا، وسيكونُ منَ المهمِ تطويرُ قنواتٍ جديدةٍ ومبتكرةٍ لتشجيعِ التعلمِ مدى الحياة، كما سيتعينُ على الجامعاتِ السعوديةِ أن تقودَ الرَّكبَ من خلالِ إعادةِ التفكيرِ في التعليمِ الجامعيِّ ودورِ الجامعةِ في المجتمعِ الأكبرِ، بينما تقومُ في ذاتِ الوقتِ بحمايةِ القيمِ التقليديةِ الجوهريةِ التي تحافظُ على التعليمِ العالي مثلَ الحريةِ الأكاديميةِ، والتفكير الناقد، ونواتج التعلّم، وقيمِ الأفكارِ، والنزاهةِ، والابتكارِ، والاستقلالِ الذاتيِّ التي بُنيت عليها مؤسساتُنا. الفرص الجديدة المتاحة للنساء ستساعد على تنمية مجمل المواهب المجتمع السعودي سيقود الطريق إلى رؤية المملكة 2030