للمرة الأولى منذ وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السلطة في بلاده قبل 16 عاما، خسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية في العاصمة أنقرة، واسطنبول أكبر المدن التركية، حيث أعلن مرشح الحزب الجمهوري المعارض، اكريم ايموغلو فوزه في اسطنبول، بينما اعترف أردوغان بعد ساعات من النتيجة بالقول «يبدو أننا خسرنا رئاسة البلدية في اسطنبول» كان أردوغان، الذي هيمن على المشهد السياسي التركي منذ وصوله إلى السلطة قبل 16 عاما وحكم البلاد بقبضة حديدية، قد نظم حملات انتخابية دون كلل على مدى شهرين قبل تصويت الأحد الذي وصفه بأنه «مسألة بقاء» بالنسبة لتركيا. لكن لقاءاته الجماهيرية اليومية والتغطية الإعلامية الداعمة له في معظمها لم تكسبه تأييد العاصمة أو تضمن له نتيجة حاسمة في اسطنبول، في وقت تتجه فيه البلاد نحو تراجع اقتصادي أثر بشدة على الناخبين. وقال حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الاثنين إنه يتوقع تحول نتيجة الانتخابات في أنقرة لصالحه بعد التقدم بطعون. وفي تصريحات للصحفيين في أنقرة قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية فاتح شاهين إن الحزب سيطعن في نتائج الانتخابات في كل منطقة من مناطق العاصمة. وذكر أن الحزب سيحقق «تقدما كبيرا» نتيجة لهذه الطعون. وأشارت وكالة الأناضول للأنباء إلى أن مرشح المعارضة الرئيسة في اسطنبول يتقدم بفارق 0.28 نقطة مئوية على خصمه من حزب العدالة والتنمية مع فتح 99.8 بالمئة من صناديق الاقتراع وبعد أن أعلن الحزبان الانتصار في أكبر مدينة تركية. وذكرت وسائل إعلام تركية أن مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض منصور يافاش حقق فوزا واضحا في أنقرة. وفي اسطنبول يتقدم حزب الشعب الجمهوري بفارق 28 ألف صوت تقريبا وفقا لأحدث نتائج الفرز. وقال زعيم المعارضة كمال قليجدار أوغلو «صوت الشعب لصالح الديمقراطية، لقد اختاروا الديمقراطية». وأعلن أن حزب الشعب الجمهوري العلماني انتزع السيطرة على أنقرةواسطنبول من حزب العدالة والتنمية وفاز في مدينة إزمير المطلة على بحر إيجة، وهي معقل للحزب المعارض وثالث أكبر المدن التركية. وذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية أن نسبة الأقبال على مستوى البلاد كانت كبيرة جدا إذ بلغت 84.52 بالمئة. وفي كلمة لأنصاره في أنقرة مساء أمس الأحد، بدا أردوغان وقد تقبل هزيمة حزب العدالة والتنمية في اسطنبول، لكنه قال إن حزبه سيطر على أغلبية الأحياء بالمدينة. وقال «حتى إذا أهدر (ناخبونا) رئاسة البلدية، فقد أعطوا الأحياء لحزب العدالة والتنمية». توبيخ شعبي ويقول الباحث والسياسي التركي آيكان اردمير ل»الرياض» إن هذه الخسارة لها رمزية أبعد من مجرد الثقل الاقتصادي الذي ترمز له هذه المدن الكبرى، فهي هزيمة أولى من نوعها للحزب الحاكم في المكان الذي خرج منه (إسلاميي تركيا) في العام 1994 والذين خرج من رحمهم أردوغان. ويشير اردمير إلى أن أهمية هذه الانتخابات تأتي من كونها أول انتخابات تجري بعد حملة أردوغان لتثبيت السلطات في يده ويد المقربين منه، حيث كانت بمثابة جس نبض للشعب التركي حول هذه الاجراءات التي اتخذها أردوغان، مضيفاً؛ تبين من النتائج أن ما جرى هو توبيخ شعبي لأردوغان لأن الإجراءات التي اتخذها لا تتعلق بالاستبداد فقط، بل بالانكماش الاقتصادي الذي يشتد كلما غيّر أردوغان من شكل الحكم في تركيا. ولفت اردمير الى أهمية نتيجة الانتخابات في ولايات مثل «أضنة «، حيث إن الحزب القومي المتحالف مع حزب الحرية والعدالة، هو من فاز في أضنة وليس مرشح «الحرية والعدالة» ما يدل أيضاً على المزيد من النفور من الحزم الحاكم والحشد باتجاهات أخرى حتى من قبل المتحالفين مع حزب أردوغان. ويرى اردمير أن نتائج كهذه في ظل حكم أردوغان تعني تغيراً كبيراً، فالحكومة التركية تسيطر على 99 بالمئة من الإعلام التركي وتوجهه لصالحها، كما استخدم حزب الحرية والعدالة كل موارد الولايات ومقدّراتها الاقتصادية لضخ الأموال باتجاهات معينة تفيد الحزب في الانتخابات، ورغم ذلك كله رأينا المعارضة تعود لأول مرة للمدن الكبيرة والأساسية فهذا إذا بداية النهاية. وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات محلية، ولا تؤثر على السلطات التنفيذية العليا، إلا أنها ستضع تلقائياً اقتصادات مدن مهمة وكبرى في تركيا مثل أنقرة بأيدي المعارضة، وهذا يعني أن استحواذ أردوغان على البلاد سياسياً واقتصادياً سيصبح أكثر صعوبة، ولن يتمكن النظام التركي من استغلال الموارد لرأب الصدع الاقتصادي الذي يخيف الشعب التركي ودفعه للخروج وتغيير هواه الانتخابي لأكثر من مرة منذ قرابة العقد ونصف من الزمن. أنصار الحزب الجمهوري المعارض يحتفلون بالفوز في أنقرة (أ ف ب)