خلف المشعان العنزي، شاعر يمتلك كاريزما عالية، أسهمت في حضوره المتميز والفريد، بارع في اختيار المفردات الجميلة، نهج القصائد الحماسية، له خط مختلف من بين أقرانه الشعراء، وشاعر مُثير للجدل في الساحة الشِّعرية. أنا يوم استوى حرفي على صهوة خيال القاف ترجّل شايلٍ سيف المعاني .. وحربة أفكاري جدع ليل السهر صبح وعسف بيت القصيد عساف نشف ريق القلم خوف .. وتبعثر دفتر أشعاري التقينا شاعرنا خلف المشعان من خلال لقاء "الفضاءات"، وتحدث لنا عن مشواره الشعري، وأهم المحطات المؤثرة في حياته، كما اعترف بكثير عن خبايا الشِّعر وأسراره. علاقتك مع الشِّعر.. كيف بدأت؟ * استطعت - أخي بكر - من خلال هذا السؤال أن تتحايل على تقليديته بصياغته بهذه الطريقة الذكية. حسناً، بدأت أكتب الشِّعر لنفسي ثم لمن هم حولي، ولم أسع إلى النشر حتى انتشرت كثير من قصائدي قبل أن يُعرف صاحب هذه القصائد، حتى طلب منّي المشاركة في أمسية شِعرية في إحدى حفلات القبيلة بصحبة أستاذي وأخي الشاعر سليمان المانع، الذي وصف مشاركتي بالمفاجأة الجميلة، وأبدى إعجابه بما في جعبتي من قصائد، وكان أول من أطلق لقب الداهية في ذلك المساء. كيف ترى الشهرة، وبريق النجومية؟ * جميلة بقدر ما هي متعبة في الوقت نفسه.. بالنسبة لي أعتبر الشهرة مسؤولية لا يعيها كثير من المشاهير، فالمشهور يجب أن يكون قدوة حسنة في المجتمع، وأن يراقب تصرفاته، ويكون على قدر المسؤولية. ما أصعب شيء واجهك في الشِّعر؟ * التفسير الخاطئ لكثير من الأبيات والقصائد، وقد بيّنت ذلك في إحدى قصائدي: عمق القصايد مشكله تشغل مناديب الجدال ناسٍ تعدى مقصد ابياتك لمقصد نيّتك والذوق بيرٍ دلوها العقل ومفاهيمه حبال ما كل دلوٍ تمتحه يروي عطش عقليّتك كيف ترى حضور الشعراء في مواقع التواصل؟ * مواقع التواصل أظهرت شخصيات الشعراء الحقيقية نوعاً ما، من خلال الاحتكاك المباشر مع الجمهور.. وفي المقابل أبرزت شعراء جميلين، لكن أراها قتلت النفس الطويل في القصيدة. افتقدنا الحس الشاعري في بعض القصائد، ما تعليقك؟ * القصيدة ميزان كفتاه الألفاظ والمعاني، متى ما رجحت كفة على أخرى افتقدت الإحساس الصادق، وأصبحت القصيدة صناعية.. نعم أتفق معك أن كثيرا من الشعراء أصبحوا يهتمون بالألفاظ أكثر من المعاني، بل إن كثيرا منهم جنح إلى توظيف العبارات الدارجة، وأصبحت طريقاً للتميز في نظر كثير، لكن صدقني، لا شيء يخلّد في ذاكرة الزمن أكثر من الإحساس الصادق، وقلت عن ذلك: الشِّعر لاجنب عن الصدق معناه يتوه بين المبتذل .. والصناعي أن تكون شاعراً أو لا تكون.. متى شعرت بهذا التحدي؟ * أعترف لك بأنني قبل كل قصيدة أكتبها، أُشعرُ نفسي بهذا التحدي. لماذا الشاعر خلف المشعان شاعر مُثير للجدل؟ * لا أتعمد الإثارة، ولا أحب أن أدخل دائرة الضوء عبر نوافذها، ربما لأنني أتعمد في قصائدي كسر القواعد السائدة، ولكن بطريقة مقنعة، ما يجعل حوافر الآراء تختلف فتثير الجدل. أيهما تفضل الأمسيات الجماعية، أم بمفردك؟ * لا فرق عندي بين هذه وتلك، ولا أذكر أنني سألت يوماً عن الشعراء المشاركين معي في الأمسية، ليس غروراً وإنما ثقة بما في جعبتي. ماذا يستهويك في كتابة القصيدة؟ وماذا تطمح إليه كشاعر؟ * يستهويني الفكر والابتكار في كتابة القصيدة.. أما عن الطموح فلا حدود له، وقد لا تكفي صفحات اللقاء في الحديث عنها، لكن أول هذه الطموحات هو الوقوف أمام مولاي خادم الحرمين الشريفين. من مُلهمك في كتابة القصيدة؟ * الموقف دائماً. لكل شاعر هدف من كتابة القصيدة.. فما هدفك؟ * أن تكسب رضا الجمهور، وتوفي بالغرض الذي كتبتها من أجله. ممَّ تُعاني الساحة الشعبية في الوقت الحاضر؟ * الفوضى واختلاط الغث بالسمين. ما أجمل الأبيات التي ترددها باستمرار؟ * كل أبياتي التي يكون فيها ابتهال أو دعاء أرددها باستمرار مثل: يالله تصبّرني على كبر الخطايا والذنوب اللي بحقي ترتكب وأحاول اكتم غيضها كيف ترى مستقبل الشِّعر في عصر الإنترنت؟ * النت أخرج شعراء كثرا.. وفي فترة سابقة حظيت المنتديات باهتمام بالغ، فقد استهوت كثيرا من الشعراء، بل سحبت البساط، واستطاعت أن تستدرج كثيرا من نجوم المجلات، حتى إنها استطاعت أن تجذب أغلب نجوم الساحة من شعراء وكتاب ومحررين وأصحاب مطبوعات لأسباب عديدة، أبسطها أن النصوص التي تنشر في المطبوعات تقدّم مادة صماء لا يعرف أصحابها شيئاً عن ردة الفعل لدى القارئ، عكس النصوص التي تنشر في مواقع التواصل، فالمجال مفتوح بين الكاتب والمتلقي.. أيضا هناك ميزة أخرى تميزت بها المنتديات عن المجلات والصحف المطبوعة، فالقصيدة التي تنشر في مطبوعة ما تنتهي مع صدور العدد التالي للمطبوعة، ولا يمكن إعادة نشرها، بينما يستطيع الشاعر في المنتديات إعادة نشر قصيدته بمجرد إضافة رد. ما المعيار الحقيقي للقصيدة الناجحة؟ * القصيدة التي تبنى على فكرة يولدها موقف تتسلسل أبياتها تصاعديا، مع الحفاظ على الوحدة الموضوعية حتى الوصول إلى القفلة. كلمة أخيرة. * كل الشكر والتقدير لجميع المسؤولين عن الأدب الشعبي في جريدة "الرياض"؛ على ما يقدّمونه في خدمة الأدب، من القلب شكري الخاص على إجراء هذا اللقاء.