اعتبر اقتصاديون إعلان وزير التجارة والاستثمار د. ماجد القصبي، إطلاق البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري غداً الأحد مرحلة عملية وحاسمة لجهود الحكومة في القضاء على هذه الظاهرة، مشيرين إلى أن نجاح البرنامج سيخلق المزيد من الفرص الجاذبة للسعوديين في ممارسة الأنشطة التجارية، ويحد من خروج الأموال بطرق تضر بالاقتصاد الوطني. واعتبر الاقتصادي عبدالرحمن أحمد الجبيري، إطلاق البرنامج خطوة فاعلة للقضاء على ظاهرة الاقتصاد الخفي، والتي تؤثر كثيراً في تركيبة وأدوات الاقتصاد بممارسات وأنشطة اقتصادية بطرق غير مشروعة وخارج الإطار الرسمي، وهو ما يخلف تبعات ترهق مكونات الأداء والحراك المُنظم، كما أن هذا الاقتصاد الخفي يسلب حق المواطن في العمل، وله العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية. ووفقاً لتقارير وزارة التجارة والاستثمار فقد زادت معدلات الكشف عن مخالفات نظام مكافحة التستر خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 412 %، في حين تم إحالة 1195 قضية تستر إلى النيابة العامة خلال العام 1439ه، في حين احيلت 871 قضية تستر للنيابة العامة في 1438ه، كما أحيلت 450 قضية في العام 1437ه. وأضاف أن مبادرة "البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري" للوزارة ومن خلال منظومتها المُعلنة، ستسهم في التخلص من هذه التبعات، وتحسن وتطور أداء الأسواق بفعالية أوسع كما أنها ستوفر عمليات مالية مثل تدوير وتشغيل الأموال داخلياً، مما يحفز قطاع الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية المتعلقة بالمنشآت المتوسطة والصغيرة ومشروعات ريادة الأعمال والأعمال الحرة بشكل عام، حيث ستكون الفرص مواتية ومتاحة لأبناء وبنات الوطن في التوجه نحو ذلك، وهو ما سيعكس أيضاً تنامياً حقيقياً للمؤشرات الاقتصادية المختلفة. وبيّن الجبيري أن هذا الملف سيأخذ بعداً حاسماً فعلياً للقضاء على هذه الظاهرة، وذلك لأنه سيعمل في اتجاهين مهمين: الأول- القضاء على هذه المشكلة وما يصاحبها من تبعات أخرى مثل: البطالة والغش التجاري والتحويلات المالية الخارجية العالية، والثاني- تطوير الأداء في السلع والخدمات والبنى التحتي واستخدامات التقنية الحديثة ونظام الفوترة في التعاملات النقدية، والتي بدورها ستحد من هذه الظاهرة، وما سيصاحبها من عدالة وشفافية ونمو فعلي، مشيراً إلى الجهود الحثيثة التي تقوم بها وزارة التجارة والاستثمار والجهات ذات العلاقة في هذا الاتجاه. وتابع: من الآثار الاقتصادية بالإضافة إلى ما سبق، فإن التستر التجاري يتسبب في حدوث خلل في المؤشرات اللازمة لوضع السياسات الاقتصادية المختلفة، والتي من أهمها مؤشرات الأسعار ومعدلات البطالة ومعدلات النمو الاقتصادي، وكذلك الآثار التي تقلص من فعالية الأداء المالي في الاقتصاد وإضعاف الكفاءة الاقتصادية من خلال توزيع الموارد والمنافسة غير المشروعة للمواطنين، ولاسيما أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة حالات الغش التجاري وضعف فرص التوظيف للمواطنين واحتكار الوافدين لبعض الأنشطة التجارية وزيادة أعباء الإنفاق على المرافق الخدمية، الصحية، التعليمية بسبب وجود أعداد كبيرة من العمالة الوافدة، وعليه فإنه لابد من أن تتضافر جهود المواطنين والجهات المعنية بالتعاون البناء في إنجاح هذا البرنامج والتوعية الإعلامية والمجتمعية بآثاره السلبية المتعددة كمسؤولية وطنية. من جهته، قال الاقتصادي فهد الثنيان: إضافةً إلى الآثار الأمنية التي تتعلق بهذه الجريمة؛ يظهر التستر كآفة اقتصادية تتسبب في تآكل موارد البلد وبناه التحتية من خلال مشاركة فئة تقيم بصورة غير شرعية في استهلاكها، وبالتالي استنزافها لأنها أتيحت في هذه الحالة لغير المستحقين لها. وتابع: وكذلك فإن تفاقم انتشار هذه الجريمة يقلل من جودة عمليات التخطيط الاقتصادي المجتمعي عندما تبنى الخطط والسياسات الاقتصادية على أساس بيانات وأرقام لا تشمل أعضاء هذه الفئة المتستر عليها، لما لها من أدوار خفية في المجتمع ولأثرها الاقتصادي المباشر على المواطن الذي تأخذ مكانه وارتباطها بنشر سلع مغشوشة في الغالب، وكذلك الأثر الاقتصادي غير المباشر من خلال الانتفاع غير الشرعي بالخدمات العامة والبنى التحتية. وقال: نجحت الحملات التي تطبق منذ سنوات بشكل كبير في محاربة التستر، ومكافحة التستر تستلزم تكثيف المتابعة وتعاون المواطنين من خلال الإبلاغ عن المحال التي على سبيل المثال لا تقبل إلا الدفع بالنقد لأن هذه من مؤشرات وجود التستر. كما يمكن مكافحته من خلال تحليل تحركات أرصدة الكفلاء باستخدام برامج وتطبيقات إلكترونية متقدمة توضح إذا كان هناك مبالغ معينة يتم سحبها من قبل الكفيل وفي تواريخ معينة حيث من المحتمل أن تكون مبالغ تعاد للعامل المتستر عليه؛ وبالتالي أتوقع أن يكون هناك إلزام بعدم فتح أي محل إلا بعد توفير وسائل دفع إلكتروني تكون مرتبطة بالحساب البنكي للكفيل وليس للعامل؛ لأن هذا الاشتراط هو ما سيساعد فعلاً الجهات الرقابية على الحد من التستر واكتشافه. عبدالرحمن الجبيري فهد الثنيان