هل نتحاور في حياتنا، وخاصة في مجتمعاتنا العربية؟ ولماذا يفشل الكثيرون في الحوار وتقريب وجهات النظر؟. وحيث إن البشر مختلفون في طبائعهم وأذواقهم وحاجاتهم، فهم يختلفون أيضاً في تعاملهم مع بعضهم البعض، ومع الكثير من شؤون حياتهم. ولذلك نجد الكثير من الاختلافات وتعارض الأفكار، وللأسف فإن الكثيرين لا يتحاورون، بل يتجادلون من دون أن يصلوا إلى توافق في آرائهم أو حلول لمشكلاتهم. والحوار والجدال لهما نفس المعنى، وهو مراجعة الكلام والآراء، ولكن هناك فرق بينهما، فعندما يتجادل الناس، فإنهم يكونون أكثر تمسكاً وحرصاً على سلامة آرائهم ومحاولة إقناع الآخرين بها. وهذ ما يجعل الجدال يخرج أحياناً عن مساره، لأن كل واحد من المتحاورين يحاول أن ينتصر لرأيه، ويقاطع من يجادله. وربما يستشهد كل منهما بمعلومات وآراء مغلوطة وغير دقيقة حتى يهزم الآخر. والجدال يصبح أحياناً نوعاً من النزاع أو الانتصار بالكلام. وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نجادل بالأسلوب الأحسن، والطريقة الأجمل، حتى لا تتنافر القلوب، حيث يقول سبحانه وتعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)، كما خاطب الله رسوله الكريم فقال: (وجادلهم بالتي هي أحسن). والجدال هو الشيء الفطري لدى الإنسان، عندما لا يمتلك الكثير من المعرفة والتهذيب والصبر الجميل. أما الحوار فهو مراجعة ومعرفة جيدة وصبر جميل. ويكون المحاور عادة حريصاً على إقناع محاوره من خلال الإصغاء الجيد، ومحاولة فهم الفكرة أو الرأي من دون تحيز أو مقاطعة. وفي العادة فإن المتحاورين يملكان المعرفة الجيدة والوعي بالقضايا التي يتحاوران حولها، بالاضافة إلى معرفة الهدف الأساسي من الحوار، والتحلي بالخلق الحسن والتهذيب واحترام الرأي الآخر. وفي حياتنا نمر بمواقف كثيرة نحتاج فيها إلى الحوار الهادف والبعد عن الجدال من دون معرفة للهدف أو المطلوب لحل المشكلة أو البعد عن التنافر والكراهية وعدم التسامح. وفي العادة فإن المشكلات الزوجية تظهر بعد فترة قصيرة من الزواج، والسبب يعود إلى عدم المعرفة الجيدة بالمسؤوليات الزوجية في المنزل، أو تكاسل أحد الزوجين عن أداء دوره أو عدم تحمل المسؤولية. وربما يحدث ذلك نتيجة لاختلاف الطبع والمزاج والتربية. وقد يكون السبب ناتجاً عن الشك أو عدم احترام الشريك. ومع ذلك فإن المشكلات المادية تتصدر القائمة، حول من يدير ميزانية المنزل، ويتولى إدارة المهام المادية، والحوار هو الأسلوب المناسب لتفادي الكثير من المشكلات الزوجية، ولا بد من اختيار الوقت المناسب للحوار، والبعد عن الغضب، وعدم تدخل الأهل والأقارب قدر الإمكان.