عندما يأتي ذكر الشائعات في أي مجتمع يأتي معها في الحال سلبيات هذه الظاهرة وخطورتها، والتي تأتي عادة على شكل أكاذيب لها أهداف معينة في كل المجالات، ولا يخلو المجال الرياضي منها خصوصا مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وهذا الموسم زادت هذه الشائعات بشكل ملحوظ وتسبب في انصراف بعض الجماهير عن متابعة كرة القدم السعودية داخل الملعب الى خارجه ونجح بعض أعداء الوطن ونجاحاته في جرههم إلى أمور بعيدة تماما عن الصحة تخص هذا النادي أو ذاك أو ذلك النجم أو المسؤول، وأكاذيب أخرى ليس لها نهاية، و»الرياض» كعادتها في القيام بواجباتها المهنية والوطنية جعلت ملفها هذا الأسبوع عن هذه الشائعات، واستضافت مجموعة من المختصين لكي يبدوا آراءهم ووجهات نظرها ويقدمون الروشتة المناسبة للقضاء على هذا الداء الخطير، ويطمئنوا المشجع الرياضي بعدم صحتها، ويقدموا له النصح بتركها جانباً والاستمتاع باللعبة الشعبية الأولى. د. المحيا: بعض المسؤولين يفتعل مشكلة لصرف الأنظار عن المشكلة الرئيسية مثل شماعة التحكيم وأرضية الملعب ويعاني المجتمع بشكل عام من تفشي ظاهرة الإشاعات وعدم صحة بعض الأخبار المنتشرة خصوصاً مع التوسع في المصادر ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت تنقل الخبر في ثوانٍ لعموم المتابعين، ولعل اعتماد البعض على مصادر مجهولة أو غير رسمية أدى إلى انتشار الشائعة بشكل كبير وعدم أخذ الأخبار من المصادر الرسمية سواء في مواقع التواصل، والتي أصبحت منصات رسمية لتوضيح اللغط في انتشار الخبر أو من خلال المتحدث الرسمي لكل جهة؛ وفي الوسط الرياضي تنتشر الإشاعات من مصادر تسعى للسبق دون التحقق من صحة الخبر أو المعلومة، مما يسبب تضارباً في الأخبار والبحث عن متحدث رسمي أو منصة اعتماد رسمية للتصحيح في كل خبر. العبدلي: مساحة انتشار الشائعات أوسع وأسرع.. وللقضاء عليها يجب تكثيف التوعية والتوجيه «دنيا الرياضة» تستضيف نخبة من الإعلاميين والأكاديميين لتسليط الضوء على الشائعات في الوسط الرياضي، وكيف صرفت المشجعين عن واقع فرقهم، وكيف يتم القضاء عليها، وكيف نحصن جماهيرنا الرياضية بعدم الانجرار خلفها؟. في البداية تحدث الدكتور مساعد المحيا قائلاً: «لا بد أن نوضح ما هي الشائعة وكيف يتم استخدامها سلباً وإيجاباً، فبعض المسؤولين يفتعل مشكلة لصرف الأنظار عن المشكلة الرئيسية، مثل شماعة التحكيم وأرضية الملعب والأجواء والتنظيم وكل الأسباب التي قد تكون عذراً يمكن الاستفادة منه، وهو أمر سلبي ويستخدم من قديم الزمن ويتم تمريره على المشجع الرياضي». عصام الدين: أهم أسباب الشائعات غياب الوعي وتعامل وسائل الإعلام والمشجعين وبين الدكتور المحيا أن «السوشال ميديا ساهمت في انتشار هذه الشائعات وإشغال الرأي العام بها، وللأسف من خلالها يتم التدليس والكذب بهدف تمرير معلومات غير واقعية وهذا ليس من طباع وصفات مجتمعنا الحقيقية، مؤكداً أنها ليست واقعية ولكن بهدف تشتيت الأذهان، معتبراً إياها أساليب فاشلة عفى عليها الزمن. مواقع التواصل تم استخدامها غالباً لمثل هذه الشائعات لسرعة الانتشار، مستغلين نقص المعلومة وعدم وجود الرد الكافي لنفي الخبر، والغريب أن المسؤول يتعمد الغياب لزيادة انتشار الشائعة وحينما تكون عواقبها سلبية يسارع ويسابق الزمن للنفي والتوضيح، الوقت الراهن نحتاج لمسؤولين في كل الجهات والأندية خاصة تتابع وبشكل مستمر «مواقع التواصل» وما يطرح فيها، وإظهار الحقائق فورياً وعدم منح مساحة لكل من يريد نثر وترويج الشائعات، وما قضية لاعب فريق الهلال نواف العابد وانتقاله من الزعيم إلا تأكيد لم تؤثره الأخبار المغلوطة». الهدلق: نعاني من الكذب المتعمد والتضليل الذي يمارسه بعض الدخلاء على الإعلام الرياضي وطالب الدكتور المحيا إدارات الأندية وكل مسؤول «بإيجاد قانونيين مختصين لمتابعة مثل هذه القضايا ورفع الدعاوى عليها في سبيل الحد منها وإيقافها وتحجيمها وكشف الحسابات والأشخاص المؤثرين في هذه القصص الوهمية والذين يسعون لتمرير افكارهم الهدامة لأسباب في أنفسهم اما من ميول او غيره، وعلينا كمجتمع ان نجرم مروجي الشائعات، خصوصاً اذا كان هناك تبعات سلبية على أي جهة كانت او نادٍ متضرر، وان يكون هناك قانون رادع ايضاً لها يتعامل معها وكأنها جريمة من الجرائم الإلكترونية». الشائعات تنتشر بسبب التعتيم الإعلامي فيما قال الإعلامي الرياضي مساعد العبدلي: «كنت أتوقع أن انتشار القنوات الفضائية ومن ثم قنوات التواصل الاجتماعي وانحسار دور وسيلة الإعلام الوحيدة (الصحافة) سيقلل من انتشار الشائعات على اعتبار أن الشائعات كانت تنتشر بسبب التعتيم الإعلامي من قبل الوسيلة الإعلامية الوحيدة (الصحافة) لكن ما حدث هو العكس فقد انتشرت الشائعات بشكل أكبر مع انتشار القنوات الفضائية واتساع دائرة قنوات التواصل الاجتماعي وباتت مساحة انتشار الشائعات أوسع بل وأسرع، وهذا لا شك أمر خطير للغاية يضر كثيراً بأوضاع الأندية بل والرياضة بشكل عام لأن شرائح كبيرة من الجماهير تذهب للأسف مع الشائعة ولا تجهد نفسها في البحث عن الحقيقة. وأضاف «القضاء على خطر الشائعات من خلال اتساع مساحة الشفافية من قبل المسؤولين عن إدارة الأندية وكلما كان المسؤولون أكثر شفافية ووضوح كلما ابتعدت الجماهير عن تصديق الشائعات أو البحث عن الحقيقة، وقد لا يجدونها ويجدون عكسها، إذاً الشفافية والوضوح يمثلان الحل الأمثل للقضاء على الشائعات ومخاطرها». وشدد العبدلي على أن «تحصين الجماهير يتم عبر تكثيف رسائل وبرامج التوعية والتثقيف للجماهير سواء عبر البرامج الرياضية أو ندوات ومؤتمرات يتحدث فيها المختصون عن مخاطر الشائعات، وفي نفس الوقت ضرورة اعتماد الشفافية كمنهج تعامل بين إدارات الأندية وجماهيرها». شعبية اللعبة تضخم التأثير السلبي فيما أوضح عادل عصام الدين أن الشائعات لا تثير البلبلة والفتن والأحقاد فحسب، بل تصرف المشجعين بالفعل عن واقع أنديتهم وهي موجودة وتعاني منها أوساط أخرى غير الرياضة من بينها الوسط الفني مثلا، بيد أن شعبية اللعبة الرياضية تضخم وتزيد من نسبة التأثير السلبي. وأضاف عصام الدين «أهم الأسباب في تصوري غياب الوعي وتعامل وسائل الإعلام وهذان السببان تحديدا يؤثران بطريقة أو أخرى في خلق التعصب وأستغرب كثيرا عندما يتحدثون عن التعصب الإيجابي، بينما لا يوجد إلا تعصب واحد، وهنا يكون للتعصب الدور الكبير في الشأن الرياضي وارتباطه الوثيق بالشائعات وكلما زاد التعصب زادت الشائعات». وللقضاء على الشائعات بين عادل عصام الدين «كما تحدثنا عن أهمية التربية والتعليم في كثير من قضايا الرياضة الأخرى أرى أن التربية والتوجيه مهمان جدا في هذا الجانب، والمسألة هنا تتعلق بمفاهيم ودور الرياضة الفعلي ونشر الوعي الرياضي، من جهة أخرى لا يمكن إغفال أهمية الإعلام، وعليه لا يمكن أن نقضي على الشائعات وتأثيرها السلبي مالم يتم القضاء على التعصب الإعلامي وتعصب إدارات الأندية في الأساس إذا تغلغل التعصب وسيطر لا يمكن إلا أن نقول فاقد الشيء لا يعطيه، وبالتالي لن تتوقف الشائعات، مع الاعتراف بوجود فئة واعية في الوقت الحاضر من بعض الإعلاميين الجدد وكذلك بعض المشجعين». غياب المعلومة الصحية يولد الإشاعة وبدوره قال رئيس القسم الرياضي بجريدة الجزيرة عبدالعزيز الهدلق: «من المعلوم أن الشائعات تظهر وتنتشر عندما تغيب المعلومة الصحيحة، وبالذات عهد حدوث المشاكل وفي أوقات الأزمات، وفِي وسطنا الرياضي لا نعاني كثيراً من الشائعات ولكن نعاني من الكذب المتعمد والتضليل الذي يمارسه بعض الدخلاء على الإعلام الرياضي، وهم أيضاً مصادر إطلاق الشائعات عند حدوث الأزمات أو المشاكل، وللأسف أن هؤلاء لا يقيمون وزناً لأخلاقيات المهنة لأنهم لا يعرفونها، وعلى رأسها المصداقية والأمانة.. فكل ما يعرفونه هو خدمة أنديتهم فقط، والإساءة للأندية المنافسة.. ولو كان ذلك باختلاق قصص من الخيال». وأضاف «أكثر ما يؤسف أن هناك منصات ووسائل إعلامية كثيرة تفتح أبوابها لهؤلاء وترحب بهم وتجعل منصاتها مصدراً لإطلاق الشائعات والكذب والتضليل. وهي تعلم ذلك من أجل خدمة الميول فقط دون اعتبار لقيم وأخلاق المهنة، والحل في رأيي أن يقوم الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي بمتابعة ومراقبة تلك الوسائل ومحاسبتها على سياساتها في فتح ابوابها للمتعصبين ولمن لا يحترم المهنة ولا يتحلى بأخلاقها. ومحاسبة الوسيلة الاعلامية أجدى وأكثر نفعاً من محاسبة الصحفي او الإعلامي. فإذا أوقف إعلامي مضلل أو أبعد أتت الوسيلة الإعلامية بآخر مثله أو أسوأ منه. لذلك يجب محاسبة الوسيلة الإعلامية لكي تتوخى حسن الاختيار ولا تكون منصة للعاطلين والدخلاء الذين ملأوا الساحات بالشائعات والكذب والتضليل.. مستغلين حدة التنافس بين الأندية ومساحات حرية الرأي الواسعة في الإعلام الرياضي، وإذا فعلنا ذلك نكون قد أوجدنا الحلول وحققنا الحماية لفكر وعقول وسلوكيات الشباب والناشئة من تلك الممارسات المغرضة والسلبية». وختم الهدلق «يجب أن توصد أبواب الإعلام وتقفل نوافذه أمام الدخلاء على مهنة الاعلام هذا هو الحل الوحيد.. وكيف نعرف الدخلاء على مهنة الاعلام؟ هم كل من لا يحمل مؤهلاً علمياً متخصصاً في الإعلام أو من لا يملك سابق خبرة أو تجربة رياضية مشرفة ومتميزة». د.مساعد المحيا عبدالعزيز الهدلق عادل عصام الدين مساعد العبدلي Your browser does not support the video tag.