لقد تشرفت بالمشاركة في الندوة العلمية عن دور الإعلام الرياضي في الحد من التعصب والعنف في الملاعب والتي أُقيمت خلال الأيام الماضية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض وبتنظيم من قِبل مركز الدراسات والبحوث بالجامعة، والتي ركّزت خلال جلساتها العلمية على دراسة وتحليل الدور الذي يقوم به الإعلام الرياضي في الحد من التعصب والعنف بالملاعب، عبر استعراض للدراسات العلمية وأوراق البحوث التي نُوقشت خلال الندوة. ولعل ما يميز هذه الندوة، مشاركة العديد من الدول العربية في جلساتها والمشاركة في إثراء الطرح العلمي بها لتبيين أهمية دور الإعلام الرياضي في الحد من العنف والشغب والسلوكيات غير المرغوبة في الملاعب عبر تغيير اللغة المستخدمة في الصحف وبعض التصريحات والعناوين التي قد تساعد على إذكاء نار التعصب بين المتابعين لتلك الصحف من عشاق الأندية، بالإضافة إلى أهمية الدور الذي يمثّله الخطاب الإعلامي الرياضي في استثارة مشاعر وعواطف الجماهير وانعكاساته عليهم. كذلك من الملفت للنظر هو حضور ممثلين لناديين فقط من الأندية الرياضية بالمملكة، وهما نادي الهلال ونادي الوحدة في ظل غياب تام لباقي الأندية الرياضية، بالرغم من أهمية هذه الندوة وثرائها المعرفي وتطرقها لأهم قضايا الرياضة المعاصرة حالياً نظراً لكون الشغب والعنف ظاهرة عالمية ومنتشرة بصورة واضحة.فالتعصب الرياضي أصبح يدق ناقوس الخطر على أمن مجتمعاتنا العربية بصورة عامة، بل تجاوز ذلك بمراحل إذ إنه كان المسبب الرئيس لبعض الخلافات، وبالتالي الكراهية ومن ثم قطع العلاقات داخل الأسرة الواحدة، عبر إقحام الخلافات الرياضية ونقلها من أرض الملعب إلى داخل الأسرة وبين أفرادها نظراً لكون النشاط الرياضي متابعاً من فئة كبيرة ونسبة عظيمة من مكونات المجتمع وهم الشباب بالإضافة إلى كبار السن أيضاً. وبالرغم من تعدد الأوراق العلمية المطروحة من مختلف الجامعات والبلدان والتي يصعب أن نحيطها في هذا المقال إلا أنه يلاحظ على غالبها التأكيد على أهمية الخطاب الإعلامي الرياضي ودوره الفاعل الذي يمكن من خلاله القضاء على حدة وزيادة التعصب الرياضي وانتشاره، وبالتالي القضاء على العنف والشغب داخل الملاعب. ويمكننا القول إن هناك عناصر إضافية من شأنها زيادة التعصب الرياضي وانتشاره ويبرأ منها الإعلام الرياضي، فالإعلام هو وسيلة لنقل وتبليغ المتلقي بالخبر أو الحدث بدقة وصدق وموضوعية دون التدخل به، فدور الإعلام بصفة العموم هو نقل الواقع كما هو، وبالتالي من الإجحاف تحميله كامل اللوم. فمن تلك العناصر التي ساعدت على التعصب حسب ما نُوقش بالندوة، الحكام فالأداء السيئ وكثرة الأخطاء وعدم انسجامهم مع المباراة يؤدي إلى حنق الجمهور وغضب الإداريين في النادي والذين قد يساهمون بدورهم في تعزيز التعصب من خلال الاعتراض على قرارات الحكام وإطلاق التصريحات التي تشكك في النزاهة أو تحقر من الخصم وما إلى ذلك من تصرفات أو سلوكيات قد تصدر من الإداريين أو من أعضاء الشرف في لحظة غضب. بالإضافة إلى ذلك يلعب المدرب دوراً هاماً في المساهمة بإذكاء التعصب عبر تهييج مشاعر جماهير ناديه إذا ما أطلق بعض التصريحات التي من شأنها إغضاب النادي المنافس، ولعل آخر عنصر من العناصر التي قد تشارك في نشر التعصب هي اللاعب الرياضي بعينه، بحيث يتم ذلك عبر رفضه الانصياع لقرارات الحكام أو عبر اعتدائه على لاعبي الفريق المنافس أو عبر إطلاق التصريحات التي من شأنها تنمية التعصب ضد فريق أو آخر. صحيح أن بعض الوسائل الإعلامية تلعب دوراً هاماً في إذكاء نار التعصب عبر الطرح غير المسؤول من فئة تُعتبر دخيلة على هذا المجال، ولعل وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة خير مثال على ذلك نظراً لانعدام الرقابة عليها وصعوبة السيطرة على ما ينشر من خلالها، بل وسهولة التضليل وإخفاء الهوية عبر استخدام أسماء وصور وهمية لبعض من يكتبون بها، ولكن مثل ذلك الطرح يكاد ينعدم بل ونادر الوجود في الصحف والمؤسسات العريقة المحترمة نظراً للتنظيم وحس المسؤولية العالي الذي يتمتع به القائمون عليها، فلا يُشكك أحدٌ في الدور العظيم للإعلام الرياضي ودرجة مساهمته في انتشار الروح الرياضية بين الفرق المتنافسة عبر نشره للأخبار والمقالات الموضوعية وإسهامه الفعّال في نشر الوعي بأهمية النشاط الرياضي والروح الرياضية التي هي من أهم مبادئ الرياضة، ومع ذلك لا بد من زيادة العناية باللغة المستخدمة في الخطاب الإعلامي عبر استخدام الأنسب فقط، بالإضافة إلى العمل على المساهمة في ارتقاء المستوى التعليمي والفكري وتنمية العاملين في مجال الإعلام الرياضي بصفة العموم عبر طرح العديد من الدورات والندوات التي تنمّي لديهم أهمية الدور الذي يقومون به، والله الموفق.