عندما انتكست الحالة الصحية للممثل الراحل محمد شرف لم يكن هناك من يهتم ليتابع خبرا مماثلا أو يقوم بنشره، حيث ظل لفترة طويلة في صراع مع المرض حتى أنهك قلبه وأوقفه، ولم يكن أحد على علم بذلك سوى من يعرفونه أو يحيطون به، ومن ثم انتشرت أخبار وفاته في كل مكان، وبدأ الجميع في استذكاره رغم وجوده على الشاشة طوال الوقت، لكن هذه المرة استذكره الجميع باسمه الذي لم يكن أحد يعرفه!. محمد شرف من أولئك النجوم الذين قد يكون وجودهم أحياناً أهم من وجود البطل نفسه، فينتهي الفيلم ويأخذ وقته ويعيش نجاحاته المفترضة ومن ثم يصبح طي النسيان بنجومه وكواليسه باستثناء "إفيهات" شرف و "لزماته" التي غالباً ما بقيت واستمرت حتى يومنا هذا حيث نستخدمها يومياً وكأنها مفردات الحياة الطبيعية. هذه الفئة من الفنانين، والتي يتفاءل بها المخرجون ويهتم لوجودها جميع النجوم كمحمد شرف - رحمه الله - فئة مظلومة بشكل كبير فنياً، فالجمهور يعشق وجودهم ولكنه غالباً لا يعرف أسماءهم إلا عندما يرحلون، والجهات المعنية لا تهتم بتكريمهم إلا في حالات نادرة، والأفيشات تُغيب صورهم رغم جاذبية تواجدهم وقربهم من قلب المشاهد. حالة من الحزن والشعور بتأنيب الضمير خيمت على الوسط الفني بعد غياب محمد شرف رغم أنه لم يرحل بشكل مفاجئ، بل عانى من أزمة صحية صرف فيها على علاجه بنفسه مع بعض المساعدة من نقابة الفنانين المصريين وعدد من زملائه الأوفياء، ولكن ولأنه لم يتاجر بخبر مرضه فلقد كان وقع خبر وفاته صادماً جداً، فكشفت ردود الفعل حجم المحبة التي يكنها له الجميع ليس فقط في مصر، بل في كافة أنحاء الوطن العربي، وهي من المرات القليلة التي تتوحد فيها عبارات الشعور بالألم والتقصير مع رحيل فنان عربي. محمد شرف الفنان الأكاديمي والممثل البسيط الذي تخرج من المعهد الفني التجاري، لم يكن ممثلاً بالصدفة بل فناناً مقنعاً للغاية بعيداً عن الكوميديا التي قدمها، اختاره كبار المخرجين خلال مسيرته الفنية ليقف أمام كبار النجوم في أعمال خالدة ومهمة من بينها "أرابيسك" و "للعدالة وجوه كثيرة"، وهناك كتاب ومخرجون عملوا معه فوصفوا أدوار قدموها من خلاله بأنها من بين الأفضل، كالكاتب أيمن بهجت قمر الذي أكد أن شخصية شرف في "آسف على الإزعاج" والتي كُتبت ارتجالاً أثناء فترة تصوير العمل ولم تكن تحمل اسماً من الأساس من أحلى الأدوار التي كتبها في حياته ومن أجمل ما مثَل الراحل محمد شرف. من يترقب حالة الحزن والحب والتقدير التي عبر عنها الكثيرون في وداع الفنان محمد شرف يشعر بشيء من الألم والخذلان، فما يحدث في هذا الوداع جميل ومؤثر، ولكنه بعد فوات الأوان، لأن من يعرف شرف عن قرب يعي جيداً أن شيئاً بسيطاً من كل هذا الحب والتقدير في حياته كان سيصنع فارقاً كبيراً، وربما كان سيمنح قلبه الراحة والطاقة والإيجابية التي كان بحاجة ماسة إليها حتى ينتصر في صراعه "العفيف" من أجل البقاء. Your browser does not support the video tag.