أول رحلة في أدب المال والذهب، والمال لبّ الاقتصاد، والذهب «معدن لكل الفصول» كما هو عنوان لفصل من كتاب «سطوة الذهب» ل»بيتر برنشتاين» ومعروف أن الرمز الكيميائي للذهب هو (AU) وهو مشتق من كلمة (AURORA) التي تعني «الفجر المتألق» وفعلاً: إن الاقتصاد، وإن المال، وإن الذهب، كان مع فجر الإنسانية، ولا زال متألقاً، فالاقتصاد: أسلوب تدبير الإنسان لمعاشه، والمال: ما يهدف الإنسان إلى امتلاكه والانتفاع به، ومن ذلك المعاوضة به، والذهب: معروف، وله تأثيره العابر للزمان والمكان، قال فيلسوف إغريقي يدعى «شيلون» يختبر الذهب بالمحك ويختبر الرجال بالذهب. وهذه الرحلة - في الحقيقة - مفيدة جداً، لأنك ستجد كثيراً من الحكم الملقاة على الطريق، التي ترشدك في التعامل مع كثير من القضايا، ويا لله! كم في تاريخ الإنسانية من تجارب تبهرك وتشدك. ويا لله! كم من كلمات تختصر عليك الكثير. فمن هذه الكلمات: 1 - الأولى: قال أبو سعيد الخراز المتوفى سنة 279ه كما في كتاب «البصائر والذخائر» (2 /162) العلم ثلاثة: علم الصناعات في أنواع المركبات، وعلم اللفظ في تأليف العبارات، وعلم التدبير في ضروب السياسات. فلاحظ أن «الخراز» هذا في القرن الثالث الهجري وقد صدّر هذه العلوم؛ بعلم الصناعات، ولا زالت الصناعة عمود الاقتصاد الحقيقي، والرافد الأهم للتنمية، ثم قارن بين عبارته، وما عرفت به الصناعة في عصرنا بأنها: عملية تحويل شكل المواد الخام في الطبيعة، ومضمونها زيادة قيمتها باستخدام أدوات مناسبة بغاية جعلها قابلة لإشباع حاجة معينة؛ سواء إن كانت وسيطة أو نهائية. 2 - الثانية: في كتاب «البيان والتبين» للجاحظ (2 /128) وقال آخر: لا تقيموا ببلاد ليس فيها نهر جار، وسوق قائمة، وقاض عدل. نستطيع أن نقول: إن هذا الرجل الغابر في الزمن، الذي ذكرت مقالته هذه في كتاب أدبي قديم ذكر مقومات المدن الحديثة، والحياة الحضارية. 3 -الثالثة: ونختم بهذه الكلمة العظيمة للرجل العظيم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -، فقد ذكر له إتلاف شباب من قريش أموالهم، فقال: حرفة أحدهم أشد علي من عيلته وقال: حرفة يعاش بها خير من مسألة الناس. وهنا ينبه عمر إلى أهمية المهارات وتعليمها للناشئة، بما يحقق لهم ثقة في نفوسهم، ومردوداً عليهم وعلى مجتمعهم، ومن المهم أن يكون ذلك في استراتيجية التعليم. شاهدت مرة حفلاً - لإحدى المدارس - مخصصاً لاكتشاف المواهب؛ فإذا الأغلبية خطباء يتحدثون. نحتاج أن نكون أمة تعمل أكثر من أن تتكلم. نرجع إلى الجاحظ وكتابه البيان (2 /93): قيل لفيلسوف أي الأشياء ينبغي أن يتعلم الصبيان؟ فقال: الأشياء التي إذا صاروا رجالاً استعملوها. Your browser does not support the video tag.