يعتبر المثل الشعبي تعبيراً يمثل المجتمع بكافة شرائحه كما يمثل البيئة بظروفها الاجتماعية والاقتصادية المتزامنة مع البناء اللفظي للمثل الشعبي فلكل مثل قصة تدل على سبب إطلاقه وتكون نموذجاً يحتذى لضرب هذا المثل أو ذاك، ولأن لشهر رمضان مكانة خاصة عند كافة المسلمين كان حضوره في الذاكرة الشعبية أمراً حتمياً ويظهر في أحاديثهم وشعرهم ونثرهم ما يدل على ذلك وسنعرض هنا لبعض الأمثال الشعبية التي ورد فيها ذكر للصوم بصفة عامة أو لشهر رمضان بصفه خاصة لتعكس لنا صورة رمضان في الحياة العامة في الجزيرة العربية : (رمضان كريم): وفي هذا المثل إشارة واضحة إلى فضل شهر رمضان واستعداد النفوس فيه للبذل والعطاء والتسامح فيتسابق فيه الناس لعمل الخير والصدقات أكثر من أي شهر آخر ففيه وصف لحال الناس كما فيه دعوة للجود والكرم وكثيراً ما يرددها السائلون والمحتاجون في هذا الشهر . (صوم الدجاجة والديك ) : هذا المثل يكرس لأسطورة تؤكد أن جميع الحيوانات كانت ناطقة في يوم من الأيام وتتلخص قصة المثل كما ذكرها العبودي في كتابه (الأمثال العامية في نجد ج2/737) في أن الدجاجة والديك اتفقا على أن يصوما في شهر رمضان عن كل شيء ما عدا الطعام والشراب والجماع!! وأشار إلى أن هذا المثل يضرب للصبي يظهر الصوم وهو غير صائم كما قال بشار بن برد: لا تصلّي ولا تصوم فإن صمت فبعض النهار صوماً رقيقا العبودي، (رمضان عذر البخيل): جاء هذا المثل عند الجهيمان في كتابه (الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب ج3/205) وذكر إلى أنه يضرب مثلاً للبخيل الذي يحاول أن يتذرع بأي سبب للتهرب من إكرام الضيوف في سبيل توفير ماله، ولكنه يجد في شهر رمضان مبرراً عظيماً فلا يقدم لضيوفه شيئاً من ألوان المأكولات والمشروبات مع العلم أنهم لو جاءوا في غير رمضان فلن يقدم لهم شيئاً ولكنه جعل رمضان حجة له هذه المرة. (صام وأفطر على بصلة): ويضرب مثلاً كما يشير الجهيمان (ج4/120) لمن يبذل مجهوداً جباراً ثم لا يجني إلا النزر اليسير ..أو لمن يعمل عملاً حسناً ثم يختمه بخاتمة سيئة ؛ ويشبهه الجهيمان بالمثل العربي (صام دهراً ثم نطق هجراً). الجهيمان (يوم الحجة في رمضان): ذكره العبودي (ج5/1794) وأشار إلى أنه يقال في التهكم والسخرية من المغفلين إذ لا يمكن أن يقع الحج في رمضان وهو مأخوذ من قصة للإمام أبي حنيفة رحمه الله أوردها العبودي (ج5/1780) حيث كان أبوحنيفة جالساً مع أصحابه وكان ماداً رجله فأقبل شخص ذو هيئة ظاهرة فقبض أبوحنيفة رجله احتراماً له؛ فجلس ذلك الرجل فيما أبوحنيفة يبحث مع أصحابه صيام يوم عرفة وأنه ليس مسنوناً لمن كان حاجاً. فقال ذلك الرجل ذو المظهر الخادع: ولكن يا أباحنيفة، ماذا يفعل الناس إذا كان وقت الحج في رمضان؟! فقال أبوحنيفة: (الآن يمد أبوحنيفة رجله ولا يبالي) فذهبت مثلاً، والقصة السابقة هي رواية شعبية أصلها قصة قديمة جاءت في كتب التراث روي أنها وقعت للإمام أبي حنيفة وروي أنها وقعت لصاحبه أبي يوسف وروي أنها وقعت للإمام الشافعي ويورد العبودي نقلاً عن الصفدي قصة الرجل الذي كان يجلس إلى أبي يوسف فيطيل الصمت، فقال له يوماً:ألا تتكلم؟ فقال: بلى، متى يفطر الصائم؟ فقال له أبو يوسف: إذا غابت الشمس. قال: وإن لم تغب الشمس إلى نصف الليل ؟! فضحك أبويوسف وقال: أصبت أنت في صمتك، وأخطأت أنا في استدعاء نطقك..... ويشبه هذه القصة ما نقله العبودي عن الجاحظ في البرصان والعرجان حيث سأل الأعرج المسعودي رقبة بن مصقلة: متى يحرم الطعام على الصائم؟ قال :إذا طلع الفجر، قال:فإن طلع الفجر نصف الليل ؟ قال: الزم الصمت الأول يا أعرج. (كلب رمضان): وهو مثل متداول ذكره السهلي في كتابه(من الكنايات العامية في الجزيرة العربية ص365) وأشار إلى أنه يقال كناية عن الشخص الذي يفطر في نهار شهر رمضان والذي يفرض على كل مسلم صيامه، والحقيقة أنه يستخدم لممازحة الصغار لتشجيعهم على صيام رمضان.