تعتبر علاقة المبدع بالجائزة علاقة يلفها الكثير من الغموض والالتباس، فبين أدباء يبحثون عن الجوائز للحصول على اعتراف رسمي أمام القارئ، وبين جائزة تتحرى مصداقيتها وموضوعيتها وجدارتها أمام القارئ والأديب. ولكن رغم كل ذلك أيضاً ثمة أدباء رفضوا هذه الجوائز ولأسباب متفرقة، أيديولوجية وسياسية وفكرية وغيرها. وحين نأتي على ذكر الجوائز الأدبية ونستعرضها تبرز جائزة «نوبل» كأهم جائزة أدبية في العالم اليوم تقريباً، هي نفسها رغم ذلك لم تسلم من هذا الرفض. ويعتبر الكاتب الأيرلندي جورج برنارد شو أشهر وأول من رفضوا جائزة نوبل، حيث حدث ذلك عام 1925م، وقد علل رفضه لها بقوله: «إن هذا طوق نجاة يلقى به إلى رجل وصل فعلاً إلى بر الأمان، ولم يعد عليه من خطر». ثم رفضها الكاتب والشاعر الروسي بوريس باسترناك صاحب رواية (دكتور جيفاغو)، وكان ذلك عام 1958م، وقيل إن ذلك كان بضغط حكومي، رغم أن عمله هذا لم يكن مسموحاً في روسيا حتى أواخر الثمانينات. وكذلك رفضها الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر عام 1964م، الذي كان ينظر للجوائز على أنها «قبلة الموت» في وصف غير بعيد عن وصف «طوق النجاة» الذي عبر به برنارد شو. إلا أن ثمة أيضاً أسباب أخرى لرفض الجوائز ومنها تسجيل المواقف، ويجسد ذلك قصة الشاعر الغواتيمالي أمبرتو أكابال الذي تعود أصوله إلى حضارة المايا أو ما يعرف باسم (الهنود الحمر) بعد أن رفض جائزة ضخمة في بلده تحمل اسم الكاتب الغواتيمالي الشهير ميغيل إنخل إستورياس الحائز على جائزة نوبل للأدب عام 1967م، وقد علل أكابال رفضه لهذه الجائزة بقوله:»لا يشرفني أن أتسلم جائزة باسم شخص أهان الشعب الذي أنتمي إليه»، في إشارة إلى كتاب إستورياس (قضية الهنود الحمر الاجتماعية) الذي وصف فيه حضارة المايا بأنها حضارة منحطة. كما قال الشاعر الغواتيمالي أمبرتو أكابال عن نفسه بما يوضح محبته لشعبه:» أكتب بضمير المفرد المتكلم لأنني لست في موقع من يتحدث باسم الآخرين، لكنني أشعر بتأثر عميق حين يأتي أناس من شعبي إليّ قائلين إنهم يشعرون أن كتاباتي المتواضعة تمثلهم. أنا على يقين أن شعري لا يمثل ثورة في الأدب الغواتيمالي أو العالمي، لكنني أعي أيضاً أنني لست نبتاً شيطانياً يظهر ليلاً ويختفي في الصباح. أكتب وأتحدث دون ضغينة أو مرارة وكل ما أفعله، أفعله من قلبي». بوريس باسترناك أمبرتو أكابال جورج برنارد شو Your browser does not support the video tag.