أَحد فُتَّاك العرب وشعرائهم وصعاليكهم وعدائيهم، في العصر الجاهلي. من فُرسان العرب الأشاوس ولذلك لُقِّب ب (الرئبال) وهو الأسد، شهد له بذلك فارس العرب عمرو بن معد يكرب الزبيدي- قاطن تثليث- فعنه يقول (بعيد الغارة كالليث الضاري) بل كان ممن يخشاهم فقال: لا أخشى أحد من فُرسان العرب إلا أربعة، ومنهم شاعرنا السُّلَيك. وعلى غرار ذلك قال شعراً يصف شجاعته وشدة عدوه: وسيرى حتّى قال في القوم قائل عليك أبا ثور سُّلَيك المقانِب كانت العرب تدعوه سُّلَيك المقَانِب، والمقَانِب (جم اعة الخيل من الفرسان) وفي ذلك نقل لنا القالي في كتابه البارع قول فارس خَثْعَم وسيدها أنس بن مُدرك الأكْلُبي الخثعمي -قاطن بيشة-: لزوّار ليلى منكم آل برثن على الهول أمضى من سُّلَيك المقانِب والشطر الثاني من البيت السابق أُرسل مثلاً بين العرب فقيل (أمضى من سُّلَيك المقَانِب). اشتُهر السُّلَيك بشدة عدوه حتى عندما كبُر وشاخ، ضُرب به المثل في ذلك فقيل (أَعْدَى مِنَ السُّلَيك). بطل مِغْوار كثير الغارات له خيل يقال لها النَّحَّام من خيل العرب المشهورة ذكرها ابن رشيق، في كتابه العُمدة في باب العتاق من الخيل، وله فيها رثاء كما في كتاب الكامل للمبرِّد، كان أَدلّ الناس بالأرض حتى قيل عنه (أدلّ من قَطَاه) وأعلمهم بمسالكها. ولعل قصة بيض النعام لدليل على ذلك، والقصة بأكملها عند ابن قُتيبة في كتابه الشِّعر والشُعراء، سجل شِعره العديد من المواضع الجغرافية الخصبة كبلاد بيشة وجاش وما حولها والتي تعتبر وجْهَة مفضلة لشاعرنا وبخاصة في وقت تشُح فيه المياه وتقل الخيرات في معظم الأمصار والأقطار فهو القائل: بخَثْعَمَ ما بقيتُ وإن أبَوْه أُوَارٌ بين بِيْشَةَ والجِفَارِ ويقول عن جاش شرق بيشة، وهو مركز تابع لمحافظة تثليث (وينطق اليوم بتسهيل الهمزة): أَمُعْتَقِلِي رَيْبُ المَنُونِ ولَمْ أَرُعْ عَصَافِيرَ وَادٍ بينَ (جَأْشٍ) ومَأْرِبِ شاعر فصيح استشهد النحويون بشعره كما عند سيبويه وابن الشجري، والسُّلَيك بِالتَّصْغِيرِ: فرخ الحَجَلة، والأُنثى سُلَكه، كما عند ابن السِّكِّيت في كتاب إصلاح المنطق، لاقى الأمَرَّين ففضلاً عن نظرة المجتمع له ورفضهم لسلوكه، كان يعاني من لباس الجوع والفاقة، ما دعاه إلى الاستجابة الكلية للرد على تلك المؤثرات ويصور لنا ذلك بأنه لا يستطيع الإبصار وأصبحت عيناه سَدْفاء نظير شدة الجوع، سيّما في أخصب الأوقات وأفضلها وهي فترة الصيف التي تكثر فيه خيرات الأرض وتزداد نِعَمها فيصف ذلك: وحتى رأيت الجوع بالصيف ضرّني إذا قمت يغشاني ظلال فأُسدفُ تلك لمحات سريعة عن أسرع عدّاء في الجاهلية وأحد "رَجَلِيّ" العرب -الذين يَعْدُون على أرجلهم- وربما جاع أحدهم فيعدو على الظبي حتى يأخذه بقرنه، كما أشارت كتب السِّيَر والتاريخ، ولم يكن السُّلَيْكُ وحده يملك تلك المقومات بين العرب، بل شاركه المنتشر الباهلي، وأوفى المازني، بَيْدَ أنه أشهرهم. مات السليك قبل الإسلام (بسبعة عشر عاماً) كما في بعض المراجع في أرضٍ قال عنها الأصفهاني في كتابه الأغاني "فخة" (فلربما أنها أرض يفيخ التي يقع فيها جبل يفيخ، يمين الطريق المتجه من رنية إلى وادي الدواسر بالقرب من أرض الفرشة التي تفترش وتنتهي فيها سيول وادي بِيْشَة ورَنْيَة وتَثْلِيث). Your browser does not support the video tag.