تغيرت الحياة حيث أصبح لا مكان لتفكيرك القديم والتقليدي، التفكير العالق بين صرامة الماضي وبساطة المستقبل، لم يعد التفكير العتيق مجدياً ولن يكون محط إعجاب النخبة، رغم أني شديدة الإيمان بأن على تفكيرك؟ ألا يعجب أحداً، ولكن ما يتطلب الآن أن تفكر وتقرر وتستنج في حدود العقلانية والمعقول. إن إسرافك في الخوض بعيش القديم لن يمر مرور الكرام في عصر الجيل الواعي المنفتح، فعلى سبيل المثال تربية الطفل والمراهق بالضرب والقوة والتآمر والتزمت لن يجعل من ابنك مثالياً وحسن البر بك، بل على النقيض تماماً ستدرك أنه دائماً خارج السرب عما تأمر وقد يصل الأمر إلى محاسبتك قضائياً، فالجيل الذي أتى أكثر انفتاحاً وتحرراً وأكثر وعياً لحقوقه وواجباته ويؤمن بأن حدودك معه لا توجد سوى في الخيارات التي تطرحها والفعل الذي سيتبع تلك الخيارات سواء كان عادلاً أم لا سيتخذه دون الرجوع لأمرك تحت مسمى الحرية الشخصية. البساطة التي عشناها في جيل الثمانينيات والتسعينيات ستكون مجرد ذكرى قديمة، والصعب الذي يواجه مواليد تلك الحقبة الزمنية كيفية التعايش والاندماج التام مع زوارنا الجدد الذين غيروا خارطة الطباع والبساطة إلى التكلف بالتكنولوجيا، وكيف لتلك الأشياء التي كانت سهلة هينة ولا يتطلب عملها سوى كلتا اليدين أصبحت صعبة شديدة المراس ويحتاج عملها إلى آلة! نحن نفكر الآن كيف لهذا العبث الجديد أن يغير من قيمنا ومبادئنا وفي ذات الوقت نردد الحمد مرات ومرات أننا بلغنا هذا التطور والانفتاح ولا يعني أننا راضون به تماماً ولكننا أرحنا عملية التخيل عن كيفية عيش أبنائنا وما مستوى التعليم الذي سيتلقونه ولن نعود للخشية بكيفية اندماجهم في المجتمع. أحاول أن أرى بعين ثالثة رؤية بعيدة المدى كيف سيعيش الجيل الذي سيأتي منهم في المستقبل أي عندما يصلون هم إلى سن الخمسين والستين هل سيعيش أبناؤهم في زمن الروبوتات! وازدياد عدد الاختراعات التي لا تكف عن أن تجعل منا سوى أشخاص عاجزين عن التحرك فوجودها سهل إنجاز المهمات ورغم التحذيرات التي تطالنا من سوء استخدامنا لها إلا أننا لا نلقي لها بالاً لذا كيف سيكون حالها في المستقبل! فالبشرية ذلك الوقت ستكون في أوج كسلها، بل سيعتمدون على الأجهزة ويتخلون عن الحركة والعمل، ولا يعني حديثي النظر من زوايا ضيقة؛ بل على العكس لأني على دراية بتزايد عدد المبدعين في ذلك الجيل فهم من سيساهمون في تحريك عجلة التنمية وضخ نبض المجتمع بالحداثة. إلى الذين مازالوا ينفثون في أبنائهم عبق الماضي يؤسفني قولي: إنه لن ينتشر بل سيضيق عند حدودك فقط ويزول دون حدوث أي تغيير، حاول أن تندمج مع التغيرات وإن لم تستطع أعد المحاولة.