يختلف المستقبل عما نعتقد، فنحن لا نرتدي ملابس فضية أو نتنقل بين المجرات، أو نقيم في كوكب المريخ أو نقود سيارات طائرة، بل نرتدي ملابس عادية ونلتقط صورا لأنفسنا (سلفي- selfie) ونتواصل بعضنا مع بعض عبر تويتر. إن ظروفنا اليوم أفضل بكثير مما تخيلنا سابقا؛ فنحن لا نعاني من الحروب التي صورها لنا فيلم (ماكس المجنون- Mad Max) والمجاعات والأمراض، بل نحن في وضع أكثر أمانا وأكثر صحة من ذي قبل. ويمكن أن نعد "تويتر" أفضل لدى البعض من السيارات الطائرة، كما يقول تقرير اليوم من مجلة "فوربس". وهذا هو الأمر الممتع في المستقبل؛ فهو ليس مذهلا كما تأملنا وليس مرعبا أيضا، والأمر الوحيد المؤكد هو التغيير في حد ذاته، وأن علينا التأقلم مع هذا التغيير. وتقول مجلة "فوربس" أنه على الرغم من عدم مقدرتنا على معرفة ماهية هذا التغيير تماما، يمكننا التعرف إلى توجهاته، وإصدار أحكام منطقية حيال نتائجه لنستعد لها: 1. سيحدث التغيير بسرعة كبيرة جدا: لا أحد يستطيع توقع شكل الحياة عام 2024، لكن هناك أمورا قليلة يمكننا معرفتها عن هذه الفترة؛ فالتكنولوجيا التي نمتلكها اليوم ستكون أكثر قوة عما كانت عليه عام 2004 مثلا بآلاف المرات، وستكون أقوى بملايين المرات عما كانت عليه عام 1994. لذلك، سيحدث التغيير على الأصعدة كافة وعلى نحو سريع، بأضعاف مضاعفة من ذي قبل. وإذا كنت تعتقد أنه من الصعب مجاراة التغيير في الماضي، فإن ذلك سيكون أكثر صعوبة في المستقبل. 2. عالم (وحدات التخزين الحاسوبية- bits) سيستبدل التكنولوجيا القديمة: من المرجح أن التغيير الجذري الذي سيحدث في العقدين المقبلين، هو انتشار عالم وحدات التخزين الحاسوبية؛ فالهاتف الذكي المنتشر اليوم استبدل العديد من الأجهزة التكنولوجية التي كنا نبتاعها بشكل منفصل. وإذا أردت مثلا أن تبتاع جهازا جديدا، فجل ما عليك فعله هو أن تعمل على تحميل تطبيق جديد. وسنشهد الأمر ذاته في مجالات: التصنيع والطاقة والرعاية الصحية. 3. التكنولوجيا تتعرف إليك: سيتمكن المعلمون من الحصول على المعلومات الخاصة بمؤهلات الأطفال خلال سنواتهم الدراسية، من خلال الوسائل التكنولوجية. كما أن العلاج الطبي سينظر بجدية إلى الخصائص الكيميائية للجسد. وعندما سنتجول في متجر ما، سيكون اختيار البضائع متوافقا مع أذواقنا وأحجامنا وأشكالنا. 4. ستساعد التكنولوجيا المستضعفين من الناس: لقد بدأت تكنولوجيا الاتصال بتعزيز القدرة البشرية فعلا؛ فقد كان حسن الحظ أو سوئه مرتبط إلى حد كبير بالظروف المحيطة بنا عند ولادتنا. كما أن خيارات الحياة لشخص ترعرع في عائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى في لندن، لم تكن مشابهة لتلك الخاصة بطفل ولد وترعرع في عائلة غنية في الهند. لكن اندثرت هذه الفجوة بشكل كبير في الجيل الحديث. ويتضح هذا التأثير بشكل عميق في العلاقات السلطوية؛ فالمؤسسات ذات الأثر مثل: الحكومات والمؤسسات الدينية والخيرية، تراجعت من حيث قدرتها على التحكم بالأحداث، من دون أن يتم استبدالها. فمن السهل التمتع بالسلطة، لكن من الصعب الحفاظ عليها واستخدامها. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك، الإعلام المجتمعي؛ فقبل ظهور هذا النوع من الإعلام كانت الحكومة او أقسام التحرير في الصحف أو المؤسسات التربوية، تعمل على مراجعة وتنقيح أي رسالة يرغب أي شخص بإيصالها إلى العالم. أما اليوم، فقد أصبح بإمكان أي شخص إيصال رسالته عبر الأجهزة الذكية، من دون تنقيح وبالصورة التي يرغب بها. 5. عليك أن تتعلم كيفية التعاون مع التكنولوجيا: يستخدم الطيارون اليوم نظام (الطيران بواسطة الأسلاك-Fly by wire)، إذ يستخدمون نظاما حاسوبيا يراقبون من خلاله الطائرة أثناء الطيران، من دون أن يتحكموا بها في الواقع. لكن هذا لا يعني أن الطيار لا أهمية له، فهو يراقب الطائرة ويتواصل مع برج المراقبة في المطار، ويتولى القيادة في حالات الطوارئ. وفي حالات الحوادث، يتم تجميع المعلومات من حاسوب الطائرة لتحليلها، والاستفادة منها في الرحلات المقبلة. ونلاحظ اليوم أن الحواسيب بدأت بتنفيذ عدد من المهام التي اعتدنا فعلها بأنفسنا؛ فحاسوب "واتسون" على سبيل المثال، يمكنه تشخيص الإصابة بالسرطان على نحو أفضل من الطبيب. لهذا، سيتعين علينا مستقبلا أن نتعلم عن كيفية التعاون مع الآلات كالطيارين تماما. وبدلا من الاعتماد على خبراتنا الشخصية فقط، سنبدأ بتطبيق مجموع معرفتنا البشرية على مناحي حياتنا وأعمالنا المتنوعة. 6. نموذج الأعمال الخاص بك لن يدوم: كان الشخص الذي يريد تأسيس عمل قبل جيل من الزمان، يتوقع أن يتعلم المزيد ويحسن من تجارته، وأنه سيحصل مع مرور الزمن على مكانة عالية وسلطة قوية. أما اليوم، فكل ما سبق ذكره ليس أكثر من كماليات مترفة؛ فمجال الأعمال لن يدوم طويلا. لذلك، عليك أن تعيد تفكيرك بشكل جذري حيال طريقة تنفيذك للأمور، فالمستقبل لا يقتصر على ما اعتدت عليه في السابق فقط. كما لن يعود بإمكاننا استقراء الماضي لندرك ما يخبئه لنا القدر، فعلينا أن نخوض الأحداث الغيبية ونتأقلم معها، ونخطط للمستقبل ونستعد له.