لا يختلف اثنان على أهمية الرياضة بصفة عامة، والنسائية على وجه الخصوص، فهي تشكل بأبعادها النفسية والصحية أهمية كبرى في بناء الإنسان أياً كان عقلياً وجسمانياً، وقد حثنا عليها ديننا الحنيف إذ يقول عمر بن الخطاب (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل)، ولكن اللافت أن الجميع متفقون على أهميتها وفوائدها الجمة إلا النساء فهن يذهبن مذاهب شتى. لا أدري من فعلها، فقد غُرس في أذهان النساء، أو ربما يُخيل إليهن منذ القدم أن الرياضة كابوس مخيف، ويتعاطين معها كأحد المحرمات التي يجب تجنبها، مما جعل نظرة المرأة في مجتمعنا المحافظ تجاهها سلبية، وقد ساهم في تعزيز تلك النظرة وتكريسها انتشار العديد من المعتقدات الخاطئة التي باتت مع مرور الزمن بمثابة ثوابت لا نحيد عنها وواجبة الامتثال لها، نتوارثها جيلاً عن جيل، دون التحقق من مصدرها، من شاكلة: (الرياضة تؤذي رحم المرأة، رفع الأثقال يؤدي لتحول الهرمونات الأنثوية إلى ذكورية، الرياضة لا تناسب بنية المرأة الجسمانية، عدم ممارسة الرياضة أثناء الدورة الشهرية، الرياضة خطرة على جميع الحوامل) وغيرها من المفاهيم الخاطئة التي لا تمت بصلة لمفهوم الرياضة. فيما الحقيقة، أن كل ذلك لا يعدو كونه مجرد أقوالٍ شائعة ومفاهيم مغلوطة لا أساس لها من الصحة تشوه النظرة العامة تجاه رياضة المرأة، نابعة عن خوفٍ وجهل تعيق المرأة عن ممارسة الرياضة بشكل سليم ملائم لطبيعتها الفسيولوجية. لم تعد الرياضة النسائية نوعاً من الترف، أو الكماليات، أو زينة المرأة وبهرجتها، أو هواية يمارسنها بين الحين والآخر، أو موضة يتظاهرن بها بشكل مؤقت، ولم تعد تقتصر على هوسهن في التخسيس وصولاً للوزن المثالي، بل باتت مطلباً أساسياً للمرأة العصرية، وعنصراً جوهرياً ضمن أسلوبها، بل جزءاً من واقع الحياة يقود إلى مجتمع نسائي واعٍ يصب في صحة الفكر قبل الجسم، يمتد إلى العائلة، العمل، الوطن، ثم إلى روتين يومي تدب فيه الحياة ومن ثم تصبح نمطاً صحياً مناسباً، فمنها صحة وحياة. أما الأسباب التي تحول دون ممارسة المرأة للرياضة في مجتمعنا السعودي فمنها: المعتقدات الخاطئة المنتشرة، وضعف التوعية بمبادئ وأسس الرياضة الصحيحة وأهميتها في بناء الإنسان، وضعف المستوى الثقافي الرياضي لدى المرأة، واختلاق الأعذار لتجنب ممارسة الرياضة، والعقد النفسية، وقبل ذلك كله عاداتنا وتقاليدنا في مجتمع محافظ يحرص على صون المرأة ولا يسمح لها بالخروج حتى للعمل إلا في مجالات بعينها. وحسناً فعلت الدولة حين اتجهت مؤخراً لتخصيص أماكن للنساء لمزاولة الرياضة في خصوصية تامة، مما يبشر بتخريج جيلٍ من النساء واعٍ بأهمية الرياضة وإسهاماتها في تشكيل المرء جسدياً وعقلياً.