مع التطور الهائل في تقنيات الاتصال الذي يعيشه العالم حالياً ظهرت مشكلة انتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة نلاحظ أن أي شخص في العالم يمكنه أن ينشر معلومة أو صورة أو مقطع فيديو، دون التأكد من صحته أو معرفة مصدره الأصلي وقد يكون ذلك بسبب الإهمال وعدم الحذر. والأخطر من ذلك أن يأتي نشر المعلومة بهدف التشويش أو الإساءة لسمعة شخص أو جهة أو دولة. وهنا يأتي دور الصحافة والتي يجب أن تكون هي الوسيلة الإعلامية التي يثق بها المواطن للتأكد من صحة الأخبار ومعرفة تداعيات الأحداث التي تحيط به وتؤثر على مجرى حياته. وتقوم مهنة الصحافة على مبادئ ومهارات وأخلاقيات أساسية يجب أن يتبعها أي صحفي ليكسب ثقة الجمهور. فمهنة الصحافة تقوم على اكتشاف الحقائق التي تهم الجمهور وجمعها والتأكد من صحتها، ثم صياغتها بالأسلوب المناسب وتقديمها للجمهور بشكل مفهوم ومتكامل ونشرها بأسرع وقت ممكن. وأهم ما يميز الصحفي في هذا السياق أنه يعمل للخدمة العامة وتحقيق المصلحة العامة، ولذك فهو يختلف عن ما يسمى ب (الصحفي المواطن) الذي ينشر المعلومات عبر وسائل التواصل المختلفة، وقد يكون نشره للمعلومات مجرد هواية أو بدافع البحث عن الشهرة أو لخدمة مصالح جهات معادية وغير ذلك. ومهنة الصحفي تتطلب البحث والتقصي وطرح الأسئلة أثناء جمع المعلومات وتسجيلها. ثم تأتي خطوة أخرى، هي من أهم خطوات إعداد الأخبار، وهي المراجعة والتدقيق fact checking حيث نلاحظ أن معظم الصحف الجادة في العالم تخصص إدارة تحرير لهذا الغرض تسمى مجموعة التحرير المساند sub-editors أوcopy-editors ومهمتها التأكد من صحة المعلومات في أي خبر قبل نشره. ويشمل ذلك التأكد من صحة العبارات المنسوبة للأشخاص المذكورين في الخبر، وكذلك التأكد من صحة الأرقام والتواريخ وأسماء الأشخاص وأسماء الأماكن والعناوين وغير ذلك، علاوة على التصحيح اللغوي والإملائي. ومن أهم مبادئ الصحافة أيضاً الفصل بين الحقائق والآراء، فكل خبر يجب أن يكون مبنياً على الحقائق، وهي المعلومات الدقيقة والصحيحة التي يمكن التحقق من صحتها. وهي بذلك تختلف عن الرأي أو التعليق الذي يعبر عن رأي الكاتب ويكون قابلاً للنقاش. لذلك يجب على الصحفي عدم إدخال رأيه في صياغة الخبر. كما يجب أن يبتعد الصحفي عن التوقعات والتكهنات التي لا يوجد لها أدلة أو براهين أو تبرير مناسب. كما يجب أن يبتعد عن العبارات الإنشائية والصياغات الأدبية التي ليست من صلب الخبر والتي من شأنها أن تشتت انتباه المتابع عن الفهم الحقيقي للموضوع. وفي الختام، فإن الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون التي تطبق هذه المبادئ في عملها هي التي يثق بها الجمهور ويلجأ لها لمعرفة ما يدور حوله في العالم. وفي كل يوم تزداد فيه موجة الأخبار الكاذبة والمزيفة تزداد معها حاجتنا كجمهور إلى صحافة ومصادر أخبار موثوقة نلجأ إليها لنعرف الخبر اليقين والرأي السديد. * استاذ مساعد في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود الصحافة الإيرانية أنموذج للصحافة الكاذبة «قناة الجزيرة» من مصادر نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة