بقدر ما هي عظيمة الاهمية للرأي العام ولاصحاب القرار, وبقدر ما هي مسؤولية محررها, فان المعلومة الصحفية يمكن ان تؤثر في مجريات الاحداث الاجتماعية والاقتصادية بشكل سلبي, او انها تلعب دورا ايجابيا في مسيرة الاصلاح والرقي.. وهي في طريقها الىالقراء عبر الصحيفة او المجلة تتنازعها عوامل ذاتية وعوامل موضوعية.. متذبذبة بين الخير والشر.. وبين الامانة العلمية والتدليس بغرض الاثارة والتشهير لتشويه الواقع او التقليل من شأنه. وهي بذلك اما ان تبني واما ان تهدم.. اما ان تكتسب صفة المصداقية فيحترمها القارئ ويحترم الصحيفة.. او تكتسب صفة الزيف لمجرد الاثارة فتسقط كالورقة اليابسة وتسيء الى سمعة الصحيفة. ربما يلجأ بعض الصحفيين الى نقل الخبر دون التأكد من صحته.. لغرض الشهرة او لاثبات ذاته او لهوى في النفس ويصيغه متأثرا بذلك.. فيكون الخبر مشوها. والمقصود بالمعلومة الصحفية كل ما ينشر في المطبوعات الصحفية اليومية والاسبوعية والشهرية والدوريات الاخرى من المعلومات الاخبارية والتحليلية والوصفية والتقريرية والصور والمعلومات الرقمية.. وتعكس هذه المعلومات اذا كانت صادقة مسيرة المجتمع البشري وثقافته.. وهمومه واهتماماته. وتعمل على معالجة قضاياه ومشكلاته.. في سعي متواصل للارتقاء به ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا. وفي تنوع في اساليب الطرح والمناقشة لتخاطب القراء على قدر ثقافتهم ومختلف شرائحهم. ان المطبوعة الصحفية في هذا السياق تصبح مصدرا هاما لكل فرد.. وان دخولها في كل بيت يعتبر ضرورة ثقافية لكل افراد الاسرة لمعرفة كل ما يدور في المجتمع في مختلف جوانب الحياة.. انها نافذة الفرد التي يطل منها على مجتمعه وما يدور فيه.. ومنها يدخل نور الثقافة الى الاسرة فيغمرها بالعلم والمعرفة. لكن اشكالية المعلومة الصحفية تكمن في احتمالية تعرضها للعبث بمصداقيتها لاسيما اذا لم تدعمها حقيقة الواقع واذا لم يسندها الدليل.. او اذا ضخمت لفظيا ومضمونا وحملت ما لم تحتمل لهدف الاثارة فحسب. ولما كانت المعلومة الصحفية تعكس هموم واهتمامات المجتمع فانها تبدو اكبر اهمية لاصحاب القرار المدركين لمسؤولياتهم اتجاه المجتمع الذين يتلقونها بسعة صدر واهتمام كبير لانها تعينهم على صنع القرار السديد. وحينما تتوافر فيها شروط ومعايير المصداقية العلمية والموضوعية فان المطبوعة الصحفية تكون احد مصادر البحث العلمي المعتمدة.. ومحل ثقة الجماهير واحترامهم. ان بعض الباحثين يسند المعلومة الى مصدرها سواء أكان كتابا ام صحيفة ام دورية دون التأكد من صحتها.. وفي هذا مجازفة علمية.. حيث ينبغي تحقيق المعلومة والتأكد من صحتها ودقتها ثم اسنادها.. فقد يخطيء المحرر او الكاتب بقصد او بدون قصد فينقل الباحث هذا الخطأ الى بحثه مما يؤثر على نتائج البحث. ان المعلومة الصحفية الخاطئة لا تضر بكاتبها فحسب بل تضر بالمجتمع وبالقضية التي يراد معالجتها حينما تصل الى اصحاب القرار.. واذا تناقلها الناس اصدقاء كانوا ام اعداء.. فالصديق قد يعتمدها لكنها تعطيه صورة مشوهة عن الحقيقة.. والعدو ربما يستغلها ضد مصالح الوطن. ينبغي ان يلتزم العاملون في الصحافة بمبادئ الصدق وامانة النقل والطرح والتقرير لتحقيق غاياتها السامية واهدافها النبيلة وانه جدير بالقول في ظل تكوين هيئة الصحفيين السعوديين مؤخرا ان تقوم الهيئة بوضع ميثاق شرف للعمل الصحفي يلتزم به العاملون في مجال الصحافة السعودية يتضمن اخلاقيات وقيم ومبادئ الصحافة الحرة الملتزمة الامينة.. وليتضمن الضوابط الادارية المعينة على تطبيق الميثاق.. وانه من المفيد وضع معايير وتنظيم جوائز للعمل الصحفي المتميز سنويا واقامة دورات تدريبية للعاملين في الصحافة. ولقد جاء تكوين هذه الهيئة انجازا على طريق الارتقاء بهذه المهنة الجليلة التي يطلق عليها السلطة الخامسة لتقوم بدورها الثقافي والتنويري لتحقيق النهضة التنموية الشاملة. ولقد تابعت في الشهرين الاخيرين بعض المطبوعات الصحفية وقد تبين في بعضها معلومات غير دقيقة وكان لها ردود فعل سلبية.. وتم الرد عليها من الجهات المعنية وقرأت معلومات صحفية مثيرة ومبالغا فيها. واخطاء مطبعية من شأنها تشويه المعنى المقصود مما يسيء الى سمعة المحرر والكاتب ويقلل من ثقة القراء فيها. كما ان صور الشخصيات في بعض الصحف ليست دقيقة.. حيث لا تنطبق الصورة على اسم الشخص المقصود. ولكي تخدم الصحافة هذا الوطن فانه ينبغي ان تكثر من تغطية المنجزات الحضارية والثقافية في كل انحاء الوطن التي تتحقق على ارض الواقع.. وان تطرح هموم الناس وقضاياهم والمشكلات التي يعانونها بكل وضوح وكل مصداقية بعد التحقق منها واقتراح الحلول لها.. والبعد عن التشهير والاثارة لانها لا تخدم المصلحة العامة ولا تحقق الهدف المقصود.. وقيل: (لا تحطم خلية النحل اذا اردت عسلا) والله الموفق.