مر قطاع الإعلام على مستوى العالم بمرحلة تغير مختلفة، بعضها كانت ذا تأثيرات محدودة، وبعضها جوهري ومؤثر على مستوى نماذج الأعمال والمداخيل المالية واهتمامات المجتمعات ونمط استهلاك المحتوى الإعلامي ومشاركته. كان ظهور الإنترنت والهواتف الذكية أسسا لمرحلة جديدة باتت الأساس للعديد من الابتكارات الإعلامية في المنصات كشبكات التواصل الإعلامي وكذلك طرق انتاج المحتوى ومشاركته. اليوم يقف العالم على مرحلة جديدة في مسيرة قطاع الإعلام وهي الإعلام الآسر (Immersive Media) بأنواعه الثلاث: الواقع الافتراضي، الواقع المعزز وكذلك الواقع المختلط، والصنفان الأخيران مازالا في مرحلة الابتكار التقني ولم تظهر إلى الآن بوادر استخدامها على المستوى الإعلامي، بينما الواقع الافتراضي بدأ يشق طريقا واضحا لمستقبل المحتوى الإعلامي كاستخدامها في التغطيات الإخبارية بتقنية تصوير 360 درجة كما هو الحال في تصوير الحروب ومعاناة اللاجئين وتغطية الأحداث كالمؤتمرات والفعاليات الثقافية. ولمن لا يعرف التقنيات الثلاث فهي عادة ما تتم مشاهدتها عبر نظارات متخصصة، بحيث يمكن للمستخدم المشاهدة في جميع الاتجاهات والسير لعدة خطوات ويخيل للشخص أنه متواجد في الموقع الذي يشاهده عبر النظارة، وقدر باحثون في مصرف غولدمان ساكس قيمة سوق تقنية الواقع الافتراضي والمعزز بحوالي 80 مليار دولار في العالم 2025 وهذا يعني أن سيكون هناك نمو عالٍ على المحتوى المنتج بالتقنية خلال سنوات محدودة قادمة. أهمية تقنية الواقع الافتراضي أنه لا يوجد وسيط إعلام (Medium) يمكن أن تحقق التأثير الذي يمكن أن تحققه ولا تزال حديثة وليس لها قواعد مهنية، بمعنى أن المؤسسات الإعلامية ليس لديها دليل قواعد مهنية لاستخدام التقنية، وعلى سبيل المثال المحتوى اليومي الذي تنتجه صحيفة نيويورك تايمز خليط بين تقنيات وممارسات سينمائية وكذلك صحفية، وبالتالي اليوم هو أفضل وقت لدعم مثل هذه التقنية وطنيا، ليكون بمقدور المؤسسات الصحفية، والقنوات التلفزيونية انتاج المحتوى بذات التقنية، وكذلك دعم إنتاج أفلام قصيرة تتاح عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تدعم التقنية كيوتيوب، فيسبوك، فيمو، فضلا عن متاجر التقنية المتاحة عبر منصة جوجل الحديثة دي دريم وكذلك أكيولوس واتش تي سي فايف. دعم الإعلام السعودي مادياً وعبر تأسيس مراكز متخصصة للتدريب على إنتاج المحتوى بذات التقنية يعني أن تكون المملكة رائدة على مستوى العالم في إنتاج المحتوى خلال السنوات القليلة القادمة حيث لا توجد دولة رائدة في تطوير المحتوى بتقنية الواقع الافتراضي، وهوليود لم تتخصص بعد في إنتاج المحتوى بذات التقنية، وإنما يوجد عدد محدود من الاستديوهات ووسائل الإعلام العالمية تنتج محتوى بذات التقنية، فدعم إنتاج المحتوى في المملكة بذات التقنية قد يكون نواة لإعلام سعودي مؤثر عالمياً يحقق مصالحنا الاقتصادية والسياسية ويؤسس لاقتصاد ثقافي مولد لفرص العمل.