ومازلنا في فضاء الاحتمالات مجتهدين في فهمه وتفعيل أبعاده آخذين الأمر بالتدرج؛ بالشكل الذي يقوي وجودنا فيه وفي هذا الوجود ولأن لدينا ما ننوي أخذه معنا من الأدوات فتوجد في المقابل أشياء ننوي عدم جلبها لأنها ستعمل على تبطيء سيرنا بشكل ملحوظ ومن ذلك البنْدولات والتي هي كما في نموذج/نظرية الترانسيرفينع تدفقات فكرية موجهة لشد انتباهك مستعملة المشاعر (كالحب والكره) والحاجيات (كالموضة والتسوق) وهي على شكل تيار معلوماتي متجمّع فكرياً ومشاعرياً وربما أحياناً جسدياً ومن أمثلتها الهاشتاقات في موقع تويتر ضد أو مع إذ يتم التركيز على وجهة محددة وتدفقات معينة ما يجعلها تتأرجح بين المؤيدين والرافضين من خلال أفكارهم التي يبثونها وكلما ازداد العدد كلما ازداد التأرجح وكلما قلّ أيضاً كلما قلّ تأرجحه ومثل هذه التجمعات/البنْدولات هي لا تهتم بمصير مؤيديها والمعارضين بقدر ما يهمها الامتصاص من طاقتهم عبر شد انتباههم إليها وانشغالهم بها حتى وكأنهم كما الدمى ولذلك فتعتبر طاقة البنْدولات طاقة تدميرية لأنها تقوم بإخراجك من توازنك من خلال اهتمامك بأفكارها الأمر الذي يجعلك تتأرجح على تردد يتوافق مع تردد تأرجحها فتزداد قوة ولذلك فهي لا تملك وعياً وتدفع الأتباع مؤيدين/معارضين لبث طاقتهم بشكل وفير وبالتالي يمكن لنا أن نلخص مهمتها -البنْدولات- بأنها تريد أن تقبض عليك بشد انتباهك وربطك بأحد خيوطها كالخوف وتأنيب الضمير أو الحقد والكراهية أو الفخر والتشاوف أو الطبقية والطائفية ونحو ذلك فتنشغل بها/به ليبدأ بمسلسل الامتصاص من طاقتك فكرياً/مشاعرياً، وربما إن تطلب الأمر فجسدياً ولأن كل لاعب له قواعد فإن قواعدها ثلاث الأول: افعل مثل ما أفعل، والثاني: نحن لسنا مثلهم، والثالث: إنهم آخرون وسيئون وهذه الثلاثية كفيلة بأن تجعلها تنمو وليس ذلك وحسب بل وتستبّد إذ إنها تصنع الناس من حولها كما المصفوفة فيتسمّرون كالبراغي ولأنها ذات طاقة تدميرية فإليك ما يجب عليه فعله تجاهها من خلال هذه الثلاثية الفاعلة وأولها: أن تستيقظ كما مرّ معنا في مقال (بساط العبور والاستيقاظ) وأن تحجز مقعدك في قاعة المشاهدة لتراقب الأمر عن كثب دون أن يصطادك مشارك في مصفوفته والثاني: مراقصته بأن تستعملها ليحقق مصالحك من خلال تحقيق أهدافك فتزداد سعادة ووفرة وسلاماً بدلاً من أن يستعملك هو ويحقق مصالحه من خلال خدمتك لأهداف غيرية/الآخرين والثالث: أن تدرك وتعي بأن له حقٌ في التواجد وتنظر إليه مودعاً له غير آبهٍ به. وهي حريصة - أي البنْدولات- على تنصيب مختارين لها في قمة هرمها يسوقون الناس إليها صباح مساء إذ هم يصطادون في شباكها الكثير من الأتباع وفي المقبل فهي أيضا تخدمهم من خلال إمدادهم بطاقة على شكل شعور بالقيمة أو منحهم شيء من السلطة وهؤلاء المختارين إنما هم في العمق خدّام أوفياء لها ولأنها كما قلنا حريصة على استعمالك في مصفوفتها فلا بد أن تلج بوابة التحرر والحرية منها بإمتلاكك هدفاً في الحياة ثم بمهارة توجيهها واستعمالها لصالحك يقول زيلاند: أنت تحصل على الحرية عندما تتحرر من البنْدولات ولكن الحرية دون امتلاك هدف في الحياة هي وضعية معلقة لأنك تجازف بأن تجد نفسك في فراغ. وحري بنا كذلك القول: إن مواجهة الفرد للبنْدولات تعتبر مواجهة خاسرة إذ لن يفوز فيها أحد وأما الذي يمكنه أن يفوز عليها هو بنْدول آخر حيث يمكن للبنْدولات فيما بينها أن تتواجه وتتصارع حيث تتقابل طاقة قوية مجمّعة ضد طاقة أخرى أيضاً قوية ومجمّعة وأفضل حماية منها هي أن تكون في الفراغ.