رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    كندا والمكسيك تردان على تصعيدات ترمب    هيئة تطوير الشرقية تنظم ورشة عمل لمتابعة المشروعات التنموية بالجبيل    وزارة الموارد البشرية والتنمية تعلن عن تعديل مدة رفع ملفات حماية الأجور    تجميد المساعدات الأمريكية يعمّق أزمة مخيم الهول    هل بات إنهاء الحرب في أوكرانيا وشيكا ؟    الأمير سلمان بن سلطان يرعى تدشين قاعة المؤتمرات بغرفة المدينة    عسير: القبض على شخصين لترويجهما 14400 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    المملكة تعالج قلوب أطفال جاكرتا بإندونيسيا    ولي العهد يهنئ بارت دي ويفر بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً للوزراء في بلجيكا    أهلي آسيا غير    ليوناردو يحقق جائزة شهر يناير    السعودية توسّع الشراكات الصناعية واستقطاب الاستثمارات مع الهند    الرئيس السوري: الكفاءة هي المعيار في المناصب.. وأولوياتنا ضبط السلاح    السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن "غداً" تنطلق الأشواط الختامية    60 فائزا في تحدي الإلقاء للأطفال    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"دور المرأة مهم في تقوية النسيج الوطني"    الرياض.. «سارية» الإعلام العربي تجمع «العمالقة» في «المنتدى السعودي للإعلام»    حصر المباني الآيلة للسقوط في الفيصلية والربوة.. ودعوة ملاكها للمراجعة    الاختبارات المركزية في منطقة مكة مع نهاية الفصل الثاني    تنامي ملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين السعودية وألمانيا    رئيس إسرائيل وقادة المعارضة يطالبون نتنياهو بتنفيذ هدنة غزة    مقتل قيادي في «الدعم السريع» والجيش يسيطر على «المحيريبا»    الأردني التعمري يوقع عقدا مع رين الفرنسي حتى 2028    الذكاء الاصطناعي... ثورة تُولد عوائد استثمارية كبيرة    تراجع أسهم 170 شركة مدرجة في جلسة    هبوط حاد للعملات المشفرة.. «بيتكوين» تتراجع 6.5%    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    أمير القصيم يكرّم المشاركين في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    رئيسة وزراء الدنمرك: غرينلاند ليست للبيع    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    "سلمان للإغاثة" يوزع 500 سلة غذائية في عدة مناطق بجمهورية بنغلاديش    كلنا نعيش بستر الله    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    العلاقات بين الذل والكرامة    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    الأسرة في القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركي السديري: واقعية الرؤية ومسؤولية الكلمة
نشر في الرياض يوم 21 - 08 - 1438

تمثل المؤسسات الصحافية العريقة منبرا ثقافيا وفكريا واجتماعيا لقرائها. ولقد اصبحت صحيفة "الرياض"، بفضل رؤية وجهود الاستاذ تركي السديري، من اهم الصحف التي تتسم بالموضوعية والمصداقية في نقل الخبر. إذ إن نجاح وأهمية اي صحيفة يعودان الى الجهود التي تُبذل كي تتنافس وتثبت الوجود كعمل متكامل فنيا وموضوعيا، وهو ما اثبته الاستاذ تركي السديري منذ اعتلائه صهوة الكلمة ورئاسة تحرير "الرياض" كمَعْلَمٍ للتحولات التي يشهدها عالمنا العربي، وتؤثر في بنيته وتوجهاته ومواكبة التطورات المتسارعة التي يعيشها المشهد الإعلامي العربي على الأقل؛ الامر الذي أسهم، وبوضوح، في نجاح الصحيفة عاما بعد عام حتى لقد أصبحت منبرا صحفيا لا غنى عنه.
ولعلي لا أضيف شيئا الى ما هو معروف من سجل الفقيد، رحمه الله، الحافل بالإنجازات وتفرُّده بصفاء الفكر وسعة الأفق ورقي الأسلوب والمصداقية الواضحة في الأوساط الإعلامية والسياسية والفكرية، وذلك حرصا منه على صحة الخبر وأصالة المصدر ودقة المعلومة، إذ كانت الصحافة له أمانة ومسؤولية قبل ان تكون مهنة ومنهجَ حياة، لانها تؤثر وتتأثر، تثقف وتتثاقف في المجتمعات.
لقد كان لجريدة "الرياض"، وبالتالي للأستاذ تركي، بالغُ الأثر في صقل وتثقيف عدة اجيال خلال الأربعين عاما التي تربع فيها على رئاستها. وكنتُ وزملائي في منتصف الثمانينات، في "معهد الدراسات الدبلوماسية" حيث كنت أستاذا مساعدا، نتساءل كلَّ صباح: "هل قرأت افتتاحية "الرياض"؟ هل قرأت مقال "لقاء"؟" وكثيرا ما تكون الموضوعاتُ المطروحة مَدارَ نقاشٍ بيننا؛ وقد تنتقل، احيانا، الى قاعات الدرس. وبعد أن اصبحتُ سفيرا،كانت الافتتاحية و"اللقاء" يمثلان لنا، انا وغيري من السفراء، مصابيحَ ترشدنا الى اهم المواضيع التي تتعاطى معها الصحافة بشكل عام. هذا من جانب، ولكنَّ الأهم أنهما كانا بمثابة مفاتيح لمعرفة الخطوط العريضة لما يدور في السياسة واهتمامات المملكة، ولا سيّما أننا كنّا نرفق ذلك بما كان يصدر عن مجلس الوزراء كل يوم اثنين. بعبارةٍ أخرى، مثلت كتابات تركي السديري جسر تفاهم بينا وبين المنطلقات السياسية للدولة او قلْ وجهة نظرها.
ان للمرحوم السديري فضلا لا يُجحَد على الكثيرين ممن أسعدهم الحظ بالتعامل معه. كان يحب فعلا، ويخدم الناس دون انتظارٍ لردة الفعل. كان كريما في مواقفه، نبيلا في اخلاقة وشفافا في تعامله. ولقد نالني من كرمه انه، اثناء زيارة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، عندما كان اميرا للرياض، لمملكة السويد في 28 يونيه عام 2008، وكنت حينذاك سفيرا للمملكة فيها، انتحى بي جانبا وقال لي: "لقد طلبتُ من الجريدة ان تُجري معكم مقابلة صحفية عن زيارة سيدي." وهذا ما تمّ بالفعل، ونُشرت المقابلة. لا شك انه كان يتوخى، من هذه البادرة، لا إبراز مدى نمو وتطور ما تشهده العلاقات السعودية – السويدية فحسب، وإنما دور السفير، وهو المطَّلِع على حرصي واهتمامي بالزيارة الكريمة التي شكلت منعطفا جديدا في مسار تعزيز العلاقات وتنميتها، والاستفادة من طاقات وامكانات البلدين لخدمة المصالح المشتركة بينهما.
لا اخفي ولا أزايد على احد بأنني ،كأحد المهتمين بالثقافة، من الذين يقدرون شخصية الاستاذ تركي، رحمه الله، لما تتمتع به كتاباته من مسؤولية الكلمة ومصداقية الخبر وذهنية متفتحة تأخذ المواقف الانسانية كلها بعين الاعتبار. ولعل ما يجذبني اليه هو شموليةُ رؤية تنم عن سعة اطّلاع وبُعْد نظر. يخوض في اعماق المواضيع المطروحة، ويعالجها معالجة خلاقة بعيدا عن الآفاق الضيقة، آخذا بعين الاعتبار احترامَ الرأي الآخر المختلف. أضف الى ذلك تلك الجرأة التي جعلته يستقطب المع الكتاب الناشئين الذين يحملون في اذهانهم افكارا مضيئة تتسم بعقلانيةٍ وحريةِ كلمة لم يتعود المجتمع من قبل التعامل معهما، فأخذ بايديهم وأمدهم بالثقة، بل أسهم في تنمية مهاراتهم الفكرية والثقافية والإعلامية، وتصرَّف كالمعلم الخلوق.
ولئن غيّب الثرى الاستاذ تركي السديري، فانه لن يغيب عن قلوب محبيه وزملائه. وستبقى لمساته علامات مضيئة في مسيرة الصحافة السعودية، وتبقى صحيفة "الرياض"، بفضل جهوده، تحتلّ موقع الريادة في صحافتنا.
* السفير السابق في السويد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.